أجراً مع حاجته إلى الطعام ، فنبّهه عزوجل على ذلك؛ ليكون شاكراً مسروراً.
وأمّا قول الخضر لموسى عليهماالسلام : هذا فراق بيني وبينك؛ فإنّ ذلك كان من جهة موسى حيث قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني ، فموسى عليهالسلام هو الذي حكم بالمفارقة لمّا قال له : فلا تصاحبني ، وأنّ موسى عليهالسلام اختار سبعين رجلاً من قومه لميقات ربّه ، فلم يصبروا بعدسماع كلام الله عزوجل حتّى تجاوزوا الحدّ ، بقولهم : ( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ) (١) فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، ولو اختارهم الله عزوجل لعصمهم ، ولما اختار من يعلم منه تجاوز الحدّ ، فإذا لم يصلح موسى عليهالسلام للاختيار مع فضله ومحله ، فكيف تصلح الاُمّة لاختيار الإمام بآرائها ، وكيف يصلحون لاستنباط الأحكام واستخراجها بعقولهم الناقصة وآرائهم المتفاوتة وهممهم المتباينة وإراداتهم المختلفة ، تعالى الله عن الرضا باختيارهم عُلوّاً كبيراً.
وأفعال أمير المؤمنين صلوات الله عليه مثلها مثل أفاعيل الخضر عليهالسلام ، وهي حكمة وصواب وإن جهلوا الناس وجه الحكمة ، والصواب فيها (٢) .
[ ١٠٠ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضياللهعنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن الأعمش ، عن عباية الأسدي ، قال : كان عبدالله بن العبّاس جالساً على شفير زمزم يحدّث الناس ، فلمّا فرغ من حديثه ، أتاه رجل فسلّم عليه ثمّ قال : يا عبدالله ، إنّي رجل من أهل الشام.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٥٥.
(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ٢٩١ / ٥.