ومحلّه من الله تعالى ذكره ، لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر عليهالسلام حتّى اشتبه عليه وجه الأمر فيه ، وسخط جميع ما كان يشاهده حتّى أخبر بتأويله فرضي ، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه ولو فنى (١) في الفكر (٢) عمره ، فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم القياس والاستنباط والاستخراج كان مَنْ دونهم من الاُمم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك .
[ ٩٩ / ٢ ] وسمعت أبا جعفر محمّد بن عبدالله بن طيفور الدامغاني الواعظ بـ : فرغانة (٣) يقول في خرق الخضر عليهالسلام السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار : إنّ تلك إشارات من الله تعالى لموسى عليهالسلام و[ تعريضات ] (٤) بهاإلى ما يريده من تذكيره لمنن سابقة لله عزوجل عليه نبّهه عليها وعلى مقدارها من الفضل ، ذكّره بخرق السفينة أنّه حفظه في الماء حين ألقته اُمّه في التابوت وألقت التابوت في اليمّ وهو طفل ضعيف لا قوّة له ، فأراد بذلك أنّ الذي حفظك في التابوت الملقى في اليمّ هو الذي يحفظهم في السفينة.
وأمّا قتل الغلام فإنّه كان قد قتل رجلاً في الله عزوجل ، وكانت تلك زلّة عظيمة عند من لم يعلم أنّ موسى نبيّ ، فذكّره بذلك منّته (٥) عليه حين دفع عنه كيد من أراد قتله به.
وأمّا إقامة الجدار من غير أجر؛ فإنّ الله عزوجل ذكّره بذلك فضله فيماأتاه من ابنتَي شعيب حين سقى لهما وهو جائع ولم يبتغ على ذلك
__________________
(١) في «ج ، ح ، س ، ش» : بقي.
(٢) في المطبوع : الكفر.
(٣) مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان ، انظر معجم البلدان ٤ : ٢٥٣ / فرغانة.
(٤) في المطبوع : وتعريض ، وفي النسخ : تعريضاً. والمثبت كما في البحار.
(٥) في «ح ، ج ، ع» وحاشية «ش» : منّة.