أتاه من نسبة الإبانية في أوّل القصّة ، ومن ادّعاء الاشتراك في ثاني القصّة ، فقال : ( رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚوَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) (١) .
ثمّ قال جعفر بن محمّد عليهالسلام : «إنّ أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك ، إنّ أوّل معصية ظهرت : الإبانية (٢) من (٣) إبليس اللعين حين أمر الله تعالى ذكره ملائكته بالسجود لآدم ، فسجدوا وأبى إبليس اللعين أن يسجد ، فقال عزوجل : ( مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) (٤) ، فكان أوّل كفره قوله : ( أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ) ، ثمّ قياسه بقوله : ( خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) (٥) ، فطرده الله عزوجل عن جواره ، ولعنه وسمّاه : رجيماً ، وأقسم بعزّته لايقيس أحد في دينه إلاّ قرنه مع عدوّه إبليس في أسفل درك من النّار» (٦) .
قال مصنّف هذا الكتاب : إنّ موسى عليهالسلام مع كمال عقله وفضله
__________________
يكون مكان متّصلاًمنفصلاً ، أو متنصّلاً من قولهم : تنصّل إليه ، أي انتفى من ذنبه واعتذر ، ثمّ اعلم أنّه يظهر من هذا الكلام أنّه كان منه عليهالسلام غفلة في أوّل الأمر أيضاً ، وقد سبق في أوّل الكلام عذر ذلك وأنّه عليهالسلام إنّما نسب إلى نفسه لمكان التعييب ، فيمكن أن يكون الغفلة أنّه لم يظهر أوّلاً أنّ هذا من أمر ربّي ، بل كان يظهر من كلامه عليهالسلام أنّه استبدّ بذلك ، فلذااعتذر ورجع عنه. (م ق ر رحمهالله ).
(١) سورة الكهف ١٨ : ٨٢.
(٢) في «ج» : الإبانة.
(٣) في المطبوع و«ع ، ل» : عن ، وما أثبتناه من «ج ، ح ، ش ، س ، ن» والبحار.
(٤) سورة الأعراف ٧ : ١٢.
(٥) من قوله : فكان أوّل كفره ، إلى هنا لم يرد في «ع».
(٦) ذكره المصنّف في كمال الدين : ٣٩١ ، ومعاني الأخبار : ٤٩ ، وأورده المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ٢٨٦ / ٤.