يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته.
فقال : وما يعلم جعفر بن محمّد ، أنا أعلم منه ، أنا لقيت الرجال وسمعت من أفواههم ، وجعفر بن محمّد صحفيّ ـ أخذ العلم من الكتب (١) ـ فقلت في نفسي : والله لأحجّنّ ولو حبواً (٢) ، قال : فكنت في طلب حجّة ، فجاءتني حجّة فحججت ، فأتيت أبا عبدالله عليهالسلام فحكيت له الكلام فضحك ، ثمّ قال : « ( عليه لعنة الله ) (٣) ، أمّا في قوله : إنّي رجل صحفيّ فقد صدق ، قرأت صُحُف آبائي إبراهيم وموسى».
فقلت له : ومن له بمثل تلك الصُّحُف.
قال : فما لبثت أن طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه.
فقال للغلام : «انظر ، من ذا؟» ، فرجع الغلام فقال : أبو حنيفة.
قال : «أدخله» فدخل فسلّم على أبي عبدالله عليهالسلام فردّ عليه ثمّ قال : أصلحك الله ، أتأذن لي في القُعود؟ فأقبل على أصحابه يحدّثهم ولم يلتفت إليه ، ثمّ قال الثانية والثالثة فلم يلتفت إليه ، فجلس أبو حنيفة من غير إذنه ، فلمّاعلم أنّه قد جلس التفت إليه فقال : «أين أبو حنيفة؟».
فقيل : هو ذا أصلحك الله.
فقال : «أنت فقيه أهل العراق؟».
قال : نعم.
قال : «فبما تفتيهم؟».
__________________
(١) ورد في حاشية «ج» : هذا حاشية ليس من المتن.
(٢) ورد في حاشية «ج» : حَبى الصَّبي حَبْواً كسَهْو : مشى على استه. القاموس المحيط ٤ : ٣٤١ / حبا .
(٣) ما بين القوسين أثبتناه من النسخ.