بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد ، وجعل الشعر في فوقه ليوصل بوصوله (١) الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ويردّ عنه الحرّ والبرد الواردين عليه ، وخلت الجبهة من الشعر؛ لأنّها مصبّ النور إلى العينين ، وجعل فيها التخطيط والأسارير؛ ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه (٢) الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه ، وجعل الحاجبان من فوق العينين؛ ليوردا عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي إنّ من غلبه النور جعل يده على (٣) عينيه ليردّ عليهما قدر كفايتهما منه ، وجعل الأنف فيما بينهما؛ ليقسّم النور قسمين إلى كلّ عين سواء ، وكانت العين كاللوزة؛ ليجري فيها الميل بالدواء ، ويخرج منها الداء ، ولو كانت مربعة أو مدوّرة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج من داء ، وجعل ثقب الأنف في أسفله؛ لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ وتصعد فيه الروائح إلى المشام ، ولو كان في أعلاه لما أنزل داء ولا وجد رائحة ، وجعل الشارب والشفة فوق الفم؛ ليحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم؛ لئلاّ يتنغّص على الإنسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه ، وجعلت اللحية للرجال؛ ليستغني بها عن الكشف (٤) في المنظر ، ويعلم بها الذكر من الأُنثى ، وجعل السنّ
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : بسبب وصول الشعر إلى الدماغ تصل إليه الأدهان ، ويمكن أن يكون بدل بوصوله : بأصوله بمقابلة أطرافه فلا تغفل. (م ق ر رحمهالله ).
(٢) في المطبوع : يمتطيه ، وفي «ج ، ش ، ح ، ع ، ن ، س» : يليطه ، وفي «ل» : يمشطه ، وما أثبتناه من حاشية «ل ، ج ، س» والبحار. ويميط : أي ينحيه ويبعده. اُنظر تاج العروس ١٠ : ٤٢٣ .
(٣) في نسخة «ح ، س ، ن ، ش ، ج ، ع» وحاشية «ل» : بين ، بدل : على.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي كشف العورة ؛ لاستعلام كونه ذكراً أم أُنثى ، ويكون من المنظر متعلّقاً بـ «يستغني» لا بالكشف ، ويتأمّل.(م ق ر).