النور؟ فأوحى الله تبارك وتعالى إليهم : هذا نور من نوري ، أصله نبوّة وفرعه إمامة ، أمّا النبوّة : فلمحمّد عبدي ورسولي ، وأمّا الإمامة فلعليٍّ حجّتي و وليّي ، ولولا هما ما خلقت خلقي ، أما علمت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله رفع يدعلي عليهالسلام بغدير خمّ حتّى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ، فجعله (١) مولى المسلمين وإمامهم ، وقد احتمل الحسن والحسين عليهماالسلام يوم حظيرة بني النجّار ، فلمّا قال له بعض أصحابه : ناولني أحدهما يا رسول الله ، قال : نِعْمَ الراكبان ، وأبوهما خير منهما ، وإنّه صلىاللهعليهوآله كان يصلّي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلمّا سلّم قيل له : يا رسول الله ، لقد أطلت هذه السجدة؟!
فقال صلىاللهعليهوآله : إنّ ابني ارتحلني فكرهت أن أعاجله حتّى ينزل. وإنّما أراد بذلك صلىاللهعليهوآله رفعهم وتشريفهم ، فالنبيّ صلىاللهعليهوآله (٢) إمام ونبيّ ، وعليٌّ عليهالسلام إمام ليس بنبيّ ولا رسول ، فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوّة».
قال محمّد بن حرب الهلالي : فقلت له : زدني يابن رسول الله ، فقال : «إنّك لأهل للزيادة ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حمل عليّاً عليهالسلام على ظهره
__________________
(١) في «ج ، ل ، ش ، ع ، ك» : فجعل ، وفي حاشية «ش» عن نسخة : فجعله.
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون تتمّة للوجوه السابقة ، ويكون المراد أنّ عليّاً عليهالسلام لمّا لم يطق ما يطيقه النبيّ صلىاللهعليهوآله ولم يكن له طاقة هذه المرتبة من النبوّة فلو كان يرفع النبيّ صلىاللهعليهوآله كان أفضل منه ؛ لأنّه حينئذ كان مبيّناً لفضل النبيّ صلىاللهعليهوآله به مشرفاًومرتفعاً وهو غير واصل إلى مرتبة النبيّ ، فكيف يكون أفضل؟ ويمكن أن يكون وجهاً آخراً وهوأنّه عليهالسلام لم يكن ليقدر حمله صلىاللهعليهوآله لأثقال النبوّة ، ولمّا كان جواب ما اعترض السائل من ركوبه عليهالسلام على الناقة والبراق ظاهراً في نفسه ، وقد تبيّن في عرض الكلام أيضاً لم يتعرّض عليهالسلام له ؛ إذ هذا الثقل ليس من قبيل ثقل الأجسام ليظهر على غير ذوي العقول بل لا يظهر إلاّ لمن كان عالماً بهذه المرتبة متدانياً لها ويكون حمله الجسماني مقروناًبالحمل الروحاني ، ويكون لتجرّد وتقدّس روحانية واجد ثقل الرتب والمعاني ، فيكون الحمل عليه كالانتقاش على العقول والنفوس المجرّدة صلوات الله عليهم أجمعين. (م ق ر رحمهالله ).