وأفضل من الحيوان الناطق المكلَّف للأمر والزجر ، والحيوان الذي هو محجوج أعلى من الحجّة التي هي حجّة الله عزوجل فيها ، والمعلَّم أعلى (١) من المعلِّم ، وقد جعل الله عزوجل آدم حجّة على كلّ من خلق من روحاني وجسماني إلاّ من جعل له أوّليّة الحجّة.
فقد روي لنا عن حبيب بن مظاهر الأسدي بيّض الله وجهه أنّه قال للحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام : أيّ شيء كنتم قبل أن يخلق الله عزوجل آدم عليهالسلام ؟
قال : «كنّا أشباح نور ، ندور حول عرش الرحمن ، فنعلّم الملائكة التسبيح والتهليل والتحميد» ، ولهذا تأويل دقيق ليس هذا مكان (٢) شرحه وقدبيّنّاه في غيره.
قال مفضّلو (٣) الملائكة : إنّ مـدار الخلق روحانياً كان أو جسمانياً على الدنوّ من الله عزوجل ، والرفعة والعلوّ والزلفة والسموّ ، وقد وصف الله جلّت عظمته الملائكة من ذلك بما لم يصف به غيرهم ، ثمّ وصفهم بالطاعة التي عليها موضع (٤) الأمر والزجر والثواب والعقاب ، فقال جلّوعزّ : ( لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (٥) ، ثمّ جعل محلّهم الملكوت الأعلى ، فبراهينهم على توحيده أكثر ، وأدلّتهم عليه أوفر (٦) ، وإذا كان ذلك كذلك كان حظّهم من الزلفة أجلّ ، ومن المعرفة
__________________
(١) في «ع ، ح» : أفضل ، وفي البحار : المتعلّم أعلى.
(٢) في «ح ، ع» : محلّه ومكان.
(٣) في «ج ، ح ، س ، ن ، ش» : مفضّل.
(٤) في «ج ، ح ، ع ، س ، ش» : موضوع.
(٥) سورة التحريم ٦٦ : ٦.
(٦) في «ع» : أشرف ، وفي «ح» : أشهر.