بالصانع أفضل.
قالوا : ثمّ رأينا الذنوب والعيوب الموردة النّار ودار البوار كلّها من الجنس الذي فضّلتموه على من قال الله عزوجل في نعتهم لمّا نعتهم ووصفهم بالطاعة لمّا وصفهم : ( لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) ، قالوا : كيف يجوز فضل جنس فيهم كلّ عيب ولهم كلّ ذنب على من لاعيب فيهم ولاذنب منهم صغائر ولا كبائر.
والجواب (١) : أنّ مفضّلي الأنبياء والحُجَج صلوات الله عليهم قالوا : إنّا لانفضّل هاهنا الجنس على الجنس ، ولكنّا فضّلنا النوع على النوع من الجنس ، كما أنّ الملائكة كلّهم ليسوا كإبليس ، وهاروت وماروت لم يكن البشركلّهم كفرعون الفراعنة ، وكشياطين الإنس المرتكبين المحارم والمُقْدمين على المآثم.
وأمّا قولكم في الزلفة والقربة ، فإنّكم إن أردتم زلفة المسافات وقربة المداناة فالله عزوجل أجلّ وممّا توهّمتموه أنزه ، وفي الأنبياء والحجج من هو أقرب إلى قربه بالصالحات والقربات (٢) الحسنات وبالنيّات الطاهرات من كلّ خلق خلقهم ، والقرب والبعد من الله جلّت عظمته بالمسافة والمدى (٣) تشبيه له بخلقه وهو من ذلك نزيه (٤) .
وأمّا قولهم في الذنوب والعيوب فإنّ الله جلّت أسماؤه (٥) جعل الأمر
__________________
(١) في «ح» : قال ، وفي حاشيتها : جواب.
(٢) في «ح ، ش» وحاشية «ج» : العزمات.
(٣) في «ح» : بالمسافات والمدانات.
والمدى : الغاية ، وبلغ مدى البصر : أي منتهاه. المصباح المنير : ٢٩٢.
(٤) في حاشية «ح» : منزه ، وفي حاشية «ن» : تنزيه.
(٥) في حاشية «ج» : عظمته.