وقد روينا عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه قال : «إنّ في الملائكة مَنْ باقة بقل (١) خير منه ، والأنبياء والحجج يعلمون ذلك لهم وفيهم ما جهلناه» ، وقد أقرَّ مفضّل و الملائكة بالتفاضل بينهم ، كما اُقرّ بالتفاضل بين ذوي الفضل من البشر ، ومن قال : إنّ الملائكة جنس من خلق الله عزوجل فقلَّ فيهم العصاة ، كهاروت وماروت ، وكإبليس اللعين؛ إذ الابتلاء فيهم قليل (٢) ، فليس ذلك بموجب أن يكون فاضلهم أفضل من فاضل البشر الذين جعل الله عزوجل الملائكة خدمهم ، إذا صاروا إلى دار المقامة التي ليس فيها (٣) حُزن ولاهَمّ ولا نصب ولا سقم ولا فقر.
قال مفضّلو الملائكة عليهالسلام : إنّ الحسن البصري يقول : إنّ هاروت وماروت علجان (٤) من أهل بابل ، وأنكر أن يكونا ( ملكين ) (٥) من الملائكة ، فلم تعترضوا ( علينا ) (٦) بالحجّة بهما وبإبليس فتحتجّون علينا بجنّي (٧) فيه؟
قال مفضّلو الأنبياء والحجج عليهالسلام : ليس شذوذ الحسن عن جميع المفسّرين من الأُمّة بموجب أن يكون ما يقول كما يقول ، وأنتم تعلمون أنّ الشيء لايستثنى إلاّ من جنسه ، وتعلمون أنّ الجنّ سمّوا جنّاً؛ لإجتنانهم عن الرؤية إلاّ إذا أرادوا الترائي بما جعل الله عزوجل فيهم من القدرة على ذلك ، وأنّ إبليس من صفوف الملائكة وغير جائز في كلام العرب أن يقول
__________________
(١) في «ع» : ناقة نقل. والباقة من البقل : حزمة منه. الصحاح ٤ : ١٨٥.
(٢) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع ، ج» : قبل.
(٣) في «ع ، ن ، ح» : لمن جعلها.
(٤) العِلَجُ : الرجل الضخم من كفّار العجم ، وبعض العرب يطلق العِلْجَ على الكفّار مطلقاً. المصباح المنير : ٢٢٠.
(٥و٦) ما بين القوسين لم ترد في «ح ، س ، ن ، ش ، ع ، ج».
(٧) في «ع» : بحجّتي.