بالأمر والزجر مع آلات الشهوات كيف انخدع بحيث دنا من طاعته ، وكيف بَعُد ممّا لم يَبعُد منه الأنبياء والحجج الذين اختارهم الله على علم على (١) العالمين ؛ إذ ليست هفوات البشر كهفوة (٢) إبليس في الاستكبار ، وفعل هاروت وماروت في ارتكاب المزجور.
قال مفضّلو (٣) الملائكة عليهالسلام : إنّ الله جلّ جلاله وضع الخضوع والخشوع والتضرّع والخنوع (٤) حلية ، فجعل مداها وغايتها آدم عليهالسلام فقارب الملائكة في هذه الحلية ، وأخذ منها بنصيب الفضل والسبق ، فجعل للطاعة فأطاعوا الله فيه ، ولو كان هناك بنو آدم لما أطاعوه فيما أمر وزجر كما لم يطعه قابيل ، فصار إمام كلّ قاتل؟
جـواب مفضّلي (٥) الأنبياء والحجج عليهم الصلوات والسلام قالوا : إنّ الابتلاء الذي ابتلى به الله عزوجل الملائكة من الخشوع والخضوع لآدم عليهالسلام عن غير شيطان مغو (٦) وعدوّ مطغي ، فاصل بغوايته بين الطائعين والعاصين والمقيمين على الاستقامة عن الميل وعن غير آلات المعاصي التي هي الشهوات المركّبات في عباده المبتلين ، وقد ابتلى من الملائكة من ابتلى ، فلم يعتصم بعصمة الله الوثقى ، بل استرسل للخادع الذي كان أضعف منها .
__________________
(١) (على) لم ترد في «ح ، س ، ن ، ش».
(٢) في «س ، ش» : كهفوات.
(٣) في «ج ، ح» : مفضّل.
(٤) الخانع : الذليل الخاضع. النهاية في غريب الحديث ٢ : ٨٠.
(٥) في «ع ، س ، ش ، ن ، ج» : جواب مفضّل.
(٦) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : معوذ.