يسمّى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليهالسلام وبها العين والصنوبرة ( وقد غرسوا في كلّ قرية منها حبّة من طلع تلك الصنوبرة ، فنبتت الحبّة وصارت شجرة عظيمة ) (١) وأجروا إليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة ، فنبتت الصنوبرة وصارت شجرة عظيمة ، وحرّموا ماءالعين والأنهار ، فلا يشربون منها ولا أنعامهم ، ومن فعل ذلك قتلوه ، ويقولون : هو حياة آلهتنا ، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرَّس الذي عليه قراهم ، وقد جعلوا في كلّ شهر من السنة في كلّ قرية عيداً يجتمع إليه أهلها ، فيضربون على الشجرة التي بها كلّة (٢) من حرير فيها من أنواع الصُّوَر ، ثمّ يأتون بشاة (٣) وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة ، ويشعلون فيها النيران بالحطب ، فإذا سطع دخان تلك الذبايح (٤) في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خرّوا للشجرة سجّداًمن دون الله عزوجل ، يبكون ويتضرّعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء ويحرّك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصّبي : إنّي قدرضيت عنكم عبادي ، فطيّبوا نفساً ، وقرّوا عيناً ، فيرفعون رؤوسهم عندذلك ، ويشربون الخمر ، ويضربون بالمعازف ، ويأخذون الدستبند ، فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثمّ ينصرفون.
وإنّما سمّت العجم شهورها بـآبان ماه ، وآذر ماه وغيرها؛ اشتقاقاً من أسماء تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض : هذا عيد قرية كذا (٥) حتّى
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «ح ، س ، ن ، ش ، ع».
(٢) الكلّة : الستر الرقيق ، يخاط كالبيت يتوقّى فيه من البقَّ. الصحاح ٥ : ٩٦ / كلل.
(٣) كذا في النسخ والظاهر شياه ؛ لوحدة السياق.
(٤) في المطبوع زيادة : وقتارها.
(٥) في حاشية «ن ، ش» : شهر كذا وشهر كذا.