إذا كان عيد قريتهم العُظمى اجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم ، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرداقاً من ديباج عليه أنواع الصُّوَر ، وجعلوا له اثني عشر باباًكلّ باب لأهل قرية منهم ، فيسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق ويقرّبون لها الذبايح أضعاف (١) ما قرّبوا للشجرة التي في قراهم ، فيجيء إبليس عند ذلك فيحرّك الصنوبرة تحريكاً شديداً ، ويتكلّم من جوفها كلاماًجهوريّاً (٢) ويعدهم ويمنّيهم بأكثر ممّا وعدتهم ومنّتهم الشياطين (٣) للبقاء (٤) ، فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لايفيقون ولايتكلّمون من الشرب والعزف (٥) ، فيكونون على ذلك اثني عشر يوماً ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ، ثمّ ينصرفون. فلمّا طال كفرهم بالله عزوجل وعبادتهم غيره بعث الله عزوجل إليهم نبيّاً من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب ، فلبث فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى عبادة الله عزوجل ومعرفة ربوبيّته فلا يتّبعونه ، فلمّا رأى شدّة تماديهم في الغيّ والضلال ، وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح ، وحضر عيدقريتهم العظمى ، قال : يا ربِّ ، إنّ عبادك أبَوا إلاّ تكذيبي والكفر بك ، وغدوايعبدون شجرة لا تنفع ولا تضرّ ، فأيبس شجرهم أجمع ، وأرهم
__________________
(١) في المطبوع : أصناف.
(٢) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : جوهريّاً ، والصحيح ما في المتن وهو الموافق للبحار ، والعيون ، و«ج» وحاشية «س ، ش».
(٣) في المطبوع زيادة : في تلك الشجرات الاُخَر.
وورد في حاشية «ج ، ل» : في تلك الشجرات الاُخَر ، ويظهر أنّه كان إبليس يبعث اعراقه إلى تلك الشجرات الاُخَر. (م ق ر رحمهالله ).
(٤) في «ش ، ح ، ل ، ن» والعيون والبحار : كلّهم للبقاء.
(٥) في «ج ، ح ، ر ، ع» : الفرق ، وفي «س ، ن» وحاشية «ج» : العرق ، وما في المتن هو الصحيح ، وهو الموافق لنسخة «ش» ، وحاشية «ع ، ل» والبحار والعيون.