ولم يأمر أصحابه أن يقتدي بعضهم ببعض ، إذا تأوّلوا تأويلا سائغا جائزا ممكنا في الأصول ، وإنما كلّ واحد منهم نجم جائز أن يقتدي به العامي الجاهل بمعنى ما يحتاج إليه من دينه ، وكذلك سائر العلماء من العامة ، والله أعلم.
وقد روى في هذا الحديث إسناد غير ما ذكر البزار ، عن سلام بن سليم قال : حدّثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم. قال أبو عمر : هذا إسناد لا تقوم به حجة ، لأن الحارث بن غصين مجهول » (١).
وفي هذا الكلام دلالة على بطلان حديث النجوم من وجوه عديدة لا تخفى على النبيه.
٢ ـ وقال ابن تيميّة الحراني : « أما قوله : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم ، فهذا الحديث ضعيف ، ضعّفه أئمة الحديث. قال البزار : هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وليس هو في كتب الحديث المعتمدة » (٢).
٣ ـ وقال أبو حيّان محمد بن يوسف الغرناطي : « قال الزمخشري : فإن قلت : كيف كان القرآن تبيانا لكلّ شيء؟ قلت : المعنى أنّه بيّن كل شيء من أمور الدين ، حيث كان نصّا على بعضها ، وإحالة على السّنة حيث أمر فيه باتّباع رسول الله وطاعته وقيل : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) وحثّا على الإجماع في قوله : ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) وقد رضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمته إتّباع أصحابه والاقتداء بآثارهم في قوله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وقد اجتهدوا وقاسوا ووطّأوا طرق القياس والاجتهاد ، فكانت السنّة والإجماع والقياس والاجتهاد مستندة إلى تبيين الكتاب ، فمن ثمّ كان تبيانا لكلّ شيء. انتهى.
وقوله : وقد رضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى قوله اهتديتم. لم يقل
__________________
(١) جامع بيان العلم ٢ / ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) منهاج السنّة ٤ / ٢٣٩.