« قوله : نحو قام رجال كانوا فى دارك إلا زيداً منهم. قال الكمال : هذا المثال وإنْ تمشى فيه ما ادّعاه من العموم فيما تخصّص به ، فلا يخصّ المثال من كون الدار حاصرة لهم ، ولا يتمشّى فيما مثّل به ابن مالك من قوله : جاءنى رجال صالحون إلاّزيداً. واعترضه شيخ الإسلام حيث قال : قد يوجّه عمومه فيما تخصّص به بوجوب دخول المستثنى فى المستثنى منه لولا الإستثناء ، لتكون الدار حاصرةً للجميع. ويردّ بمنع وجوب ذلك ، وأن الدار حاصرة للجميع ، لجواز أنْ لا يكون زيد منهم ، ولهذا احتيج إلى ذكر منهم ، مع أنّ فى عموم ذلك نظراً ، إذ معيار العموم صحة الإستثناء لا ذكره ، وهذا لا يعرف إلاّ بذكره.
وأمّا ما اختاره ابن مالك من جواز الإستثناء من النكرة فى الإثبات نحو : جاءنى قوم صالحون إلاّزيداً ، فهو مخالف لقول الجمهور ، إذْ الإستثناء إخراج ما لولاه لوجب دخوله فى المستثنى منه ، وذلك منتف فى المثال. نعم إنْ زيد عليه منهم كان موافقاً لهم. لكن فيه ما مر آنفاً.
وقوله : وإنّ الدار حاصرة للجميع. قد يقال : ولو سلّم أنها حاصرة للجميع ، فكونها كذلك لا يقتضى العموم فيما تخصّص به ، لصدق اللفظ بجماعة ممّن كانوا فى الدار ، ولا يتبادر من اللفظ جميع من كانوا فى الدار.
ويجاب بأنْ الإستثناء دليل العموم فيما تخصّص به وإلاّ لم يحتج إليه ، والظاهر من الإستثناء هو الإحتياج إليه.
وقوله : ولهذا احتيج إلى ذكر منهم. يخالفه قول الشهاب.
قوله : منهم. حال من زيد. يعنى : لا يستثنى زيد ـ مثلاً ـ فى هذا التركيب ، إلاّ إذا كان من جملة الرجال المحدث عنهم ، فلا يلزم ذكر لفظة منهم فى التركيب حين الإخبار.