وإنما لزمهم هذا الاسم لقول موسى عليهالسلام ( إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ ) الاعراف ٧ : ١٥٦ أي : رجعنا وتضرّعنا ، وهم امّة موسى عليهالسلام وكتابهم التوراة ، وهو أوّل كتاب نزل من السّماء ، أعني أن ما كان ينزل على إبراهيم وغيره من الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ما كان يسمّى كتاباً بل صحفاً ، وقد ورد في الخبر عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنه قال : إنّ الله تعالى خلق آدم بيده ، وخلق جنّة عدنٍ بيده ، وكتب التوراة بيده. فأثبت لها اختصاصاً آخر سوى سائر الكتب.
وقد اشتمل ذلك على أسفار ...
وأنزل عليه أيضاً الألواح ...
قالو : كان موسى ـ عليهالسلام ـ قد أفضى بأسرار التوراة والألواح إلى يوشع بن نون وصيّه من بعده ، ليفضي إلى أولاد هارون ، لأن الأمر كان مشتركاً بينه وبين أخيه هارون ـ عليهماالسلام ـ إذ قال : ( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) طه ٢٠ : ٣٢ وكان هو الوصي ، فلمّا مات هارون في حال حياته انتقلت الوصاية إلى يوشع بن نون وديعةً ليوصلها إلى شبر وشبير ابني هارون قراراً ، وذلك أنّ الوصية والإمامة بعضها مستقر وبعضها مستودع ، واليهود تدّعي أنّ الشريعة لا تكون إلاّواحدة ، وهي ابتدأت بموسى عليهالسلام وتمّت به ، فلم يكن قبله شريعة إلاّحدود عقليّة وأحكام مصلحيّة ، ولم يجيزوا النسخ أصلاً » (١).
والثناء على أبي الفتح الشهرستاني في كلمات المترجمين له كثير ، لا بأس بذكر طرفٍ منه في هذا المقام :
قال ابن خلّكان : « أبو الفتح محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر
__________________
(١) الملل والنحل ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣٢.