ومن طرائف الامور تفسير الرازي الآية في قصة هارون ، بالمقارنة بين حال هارون وحال أمير المؤمنين على ضوء حديث المنزلة ، ثم استنتاجه أن ما فعلته الامة بعد النبي صلّى عليه وآله وسلّم كان صواباً ... وهذا نصّ كلامه بتفسير ( وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ ... ) :
« وههنا دقيقة وهي : إنّ الرافضة تمسّكوا بقوله عليهالسلام لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، ثم إن هارون ما منعه التقيّة في مثل هذا الجمع ، بل صعد المنبر وصرّح بالحق ودعا الناس إلى متابعة نفسه والمنع من متابعة غيره ، فلو كانت امة محمّد صلّى الله عليه وسلّم على الخطأ لكان يجب على علي عليهالسلام أن يفعل ما فعله هارون عليهالسلام ، وأنْ يصعد على المنبر من غير تقيّة وخوف ، وأنْ يقول : فاتّبعوني وأطيعوا أمري ، فلما لم يفعل ذلك علمنا أنّ الامة كانوا على الصواب » (١).
وهذا الذي ذكره الرازي وإنْ كان واضح البطلان لدى الناقد البصير ، لكن علوّ الحق ألجأ بعض أكابر القوم إلى التصريح ببطلانه ، فقد ذكر نظام الدين النيسابوري كلام الرازي وعقّبه بما يبطله ، وهذا نص كلامه :
« قال أهل السنّة ههنا : إن الشيعة تمسّكوا بقوله صلّى الله عليه وسلّم :
أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، ثم إن هارون ما منعه التقيّة في مثل ذلك الجمع ، بل صعد المنبر وصرّح بالحق ودعا الناس إلى متابعته ، فلو كانت امّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم على الخطأ لكان يجب على علي كرم الله وجهه أنْ يفعل ما فعل
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٢ / ١٠٧.