وقالت الحنفية قاطبة بثبوت الحسن والقبح للفعل على الوجه الذي قالته المعتزلة ».
وقال أيضاً :
« ولا أعلم أحداً منهم ـ يعني الحنفيّة ـ جوّز عقلاً تكليف ما لا يطاق. واختلفوا هل يعلم باعتبار العلم بثبوتها في فعل حكم في ذلك الفعل تكليفي؟ فقال الاستاذ أبو منصور وعامّة مشايخ سمرقند : نعم يعلم وجوب الإيمان بالله وتعظيمه وحرمة نسبة ما هو شنيع إليه تعالى ، ووجوب تصديق النّبي ، وهو معنى شكر المنعم. روى في المنتقى عن أبي حنيفة ـ رضياللهعنه ـ : لا عذر لأحدٍ في الجهل بخالقه ، لما يرى من خلق السماوات والأرض. وعنه أنه قال : لو لم يبعث الله رسولاً لوجب على الخلق معرفته بعقولهم ».
قال :
« وقال أئمة بخارى منهم : لا يجب إيمان ولا يحرم كفر قبل البعثة ، كقول الأشاعرة ، وحملوا المروي عن أبي حنيفة على ما بعد البعثة.
وهو ممكن في العبارة الأولى دون الثانية » (١).
« قال المتعلّم : هو كما وصفت ، ولكن أخبرني عن الرسول عليهالسلام من قبل الله نعرفه أو نعرف الله من قبل الرسول؟ فإنْ زعمت أنك إنما تعرف الرسول من قبل الله فكيف يكون ذلك؟ الرسول هو الذي يدعوك إلى الله تعالى.
قال العالم : نعم نعرف الرسول من قبل الله ، لأن الرسول وإنْ كان يدعو إلى الله فلم يكن أحد يعلم الذي يقول الرسول حق ، حتى يقذف الله في قلبه
__________________
(١) المسايرة في العقائد المنجية في الآخرة ، الأصل الخامس ، من الركن الثالث.