لكان منفّذاً للأحكام ، ولكنْ لا شك في أنّه ما باشر تنفيذ الأحكام ، لأنه مات قبل موسى عليهالسلام ، فإنْ لزم من الأول كون علي رضياللهعنه إماماً ، لزم من الثاني أنْ لا يكون إماماً ، وإذا تعارضا تساقطا » (١).
إذن ، فدعوى دلالة الحديث على سلب الإمامة ساقطة بالتعارض ـ حسب زعم الرازي ـ ، فتكون دلالته على الخلافة بوجه ثبوت خلافة هارون من قول موسى : ( اخْلُفْنِي ) سالمةً عن المعارض.
لكنْ لا يخفى سقوط دعوى المعارضة ، لأنّها فرع دلالة الحديث على نفي الخلافة ، وهي أوّل الكلام ... مضافاً إلى أن الرازي نفسه يأمر بالتوقّف في ما عدا حمل الحديث على السّبب ، والدلالة على نفي الخلافة من جملة ذلك ، فكيف يكون ما يجب فيه التوقف معارضاً؟
إنه لو كان تشبيه الأمير بهارون عليهالسلام ـ يقتضي نفي خلافة أمير المؤمنين ، من جهة وفاة هارون قبل موسى ـ عليهماالسلام ـ لزم أن لا يكون الأمير خليفةً بعد النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أصلاً ولو بعد عثمان ، لأن هارون لم يكن خليفةً عن موسى ولا آنامّاً ...
فهذا الإستدلال لا يتفوّه به إلاّ النواصب والخوارج ومن كان على شاكلتهم ... وإذا كان مذهب أهل السنّة في الواقع والحقيقة نفي إمامته مطلقاً ، فليستدلّوا بهذا الوجه وأمثاله ، وليبوحوا بما يضمرون ويعلنوا عمّا يخفون!
وأمّا ما ذكره الرازي للتفصّي عن هذا الاشكال ، فسيأتي بيان بطلانه ...
__________________
(١) نهاية العقول ـ مخطوط.