لو صرّح أيضاً بما ذكرناه ، حتى يقول : أنت مني بمنزلة هارون من موسى في فرض الطاعة على امتي وإنْ لم تكن شريكي في النبوة وتبليغ الرسالة ، لكان كلامه مستقيماً بعيداً عن التنافي » (١).
نعم ، قد وقف الفخر الرازي على ما ذكره السيد المرتضى ، ولعلّه لذلك ذكر تلك الشبهة بطريق التشكيك لا على وجه الجزم. قال :
« قوله : إن هارون لو عاش بعد موسى عليهماالسلام ، لقام مقامه في كونه مفترض الطاعة.
قلنا : يجب على الناس طاعته فيما يؤدّيه من الله ، أو فيما يؤدّيه عن موسى ، أو في تصرّفه في إقامة الحدود؟
الأول مسلّم ، ولكن ذلك نفس كونه نبيّاً ، فلا يمكن ثبوته في حق علي رضياللهعنه.
أما الثاني والثالث فممنوع. وتقريره : إن من الجائر أنْ يكون النبيّ مؤدّياً للأحكام عن الله تعالى ، ويكون المتولّي لتنفيذ تلك الأحكام غيره.
ألاترى أن من مذهب الإمامية أن موسى عليهالسلام إستخلف هارون عليهالسلام على قومه ، ولو كان هارون متمكّناً من تنفيذ الأحكام قبل ذلك الإستخلاف لم يكن للإستخلاف فائدة. فثبت أن هارون عليهالسلام قبل الإستخلاف كان مؤدّياً للأحكام عن الله تعالى ، وإنْ لم يكن منفّذاً لها » (٢).
__________________
(١) الشافي في الإمامة ٣ / ١٠ ـ ١١.
(٢) نهاية العقول ـ مخطوط.