بعد إثبات عموم المنزلة :
« وقد يمكن مع ثبوت هذه الجملة أنْ يرتب الدليل في الأصل على وجهٍ يجب معه كون هارون مفترض الطاعة على امّة موسى لو بقي إلى بعد وفاته ، وثبوت مثل هذه المنزلة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وإنْ لم يرجع إلى كونه خليفة له في حال حياته ، ووجوب إستمرار ذلك إلى بعد الوفاة ، فإنّ في المخالفين من يحمل نفسه على دفع خلافة هارون لموسى عليهماالسلام في حياته ، وإنكار كونه منزلة تنفصل عن نبوّته ، وإن كان فيما حمل عليه نفسه ظاهره المكابرة.
ونقول : قد ثبت أنّ هارون عليهالسلام كان مفترض الطاعة على امّة موسى عليهالسلام ، لمكان شركته له في النبوّة التي لا يتمكن من دفعها ، وثبت أنه لو بقي بعده لكان ما يجب من طاعته على جميع امّة موسى عليهالسلام يجب له ، لأنه لا يجوز خروجه عن النبوّة وهو حي ، وإذا وجب ما ذكرناه ـ وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أوجب بالخبر لأمير المؤمنين جميع منازل هارون من موسى ونفى أن يكون نبيّاً ، وكان من جملة منازله أنه لو بقي بعده لكان طاعته المفترضة على امّته ، وإن كانت تجب لمكان نبوّته ـ وجب أن يكون أمير المؤمنين عليهالسلام المفترض الطاعة على سائر الامّة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنْ لم يكن نبياً ، لأن نفي النبوّة لا يقتضي نفي ما يجب لمكانها ، على ما بيّناه.
وإنما كان يجب لنفي النبوّة نفي فرض الطاعة ، لو لم يصح حصول فرض الطاعة إلاّللنبي ، وإذا جاز أنْ يحصل لغير النبي كالإمام والأمير ، علم انفصاله من النبوّة ، وأنّه ليس من شرائطها وحقائقها التي تثبت بثبوتها وتنتفي بانتفائها.
والمثال الذي تقدم يكشف عن صحة قولنا ، وأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم