وهل بعد كلام شعبة بن الحجاج الإمام ، مجال لهفوات المنكرين دلالة هذا الحديث ، أو أباطيل من يدّعي دلالته على نقصٍ في الإمام عليهالسلام؟
ومن المناسب جدّاً ذكر طرفٍ من كلمات بعض أعلام القوم في بيان مناقب شعبة بن الحجاج :
١ ـ السمعاني : « أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي ... روى عنه : عبدالله بن المبارك ، وأبو الوليد الطيالسي ، ومحمّد بن اسماعيل البخاري وسليمان بن حرب ، وغندر ومسلم بن الحجاج ، وحميد بن زنجويه ، وعلي بن الجعد ، وعبدالله بن إدريس ، والثوري ، وحماد بن سلمة والبصريون. وكان مولده سنة ٨٣ بنهرناب قرية أسفل من واسط ، ومات سنة ١٦٠ في أولّها ، وله يوم مات ٧٧ سنة ، وكان أكبر من سفيان بعشر سنين.
وكان من سادات أهل زمانه حفظاً وإتقاناً وورعاً وفضلاً ، وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدّثين ، وجانب الضعفاء والمتروكين ، حتى صار علماً يقتدى به ، ثم تبعه عليه بعده أهل العراق.
وكان جمع بين العلم والزهادة والجد والصّلابة والصدق والقناعة ، وعبد الله تعالى حتى جفّ جلده على عظمه ... ليس بينهما لحم ... » (١).
٢ ـ النووي : « شعبة بن الحجاج الإمام المشهور ... من تابعي التابعين وأعلام المحدّثين ، وكبار المحققين ... أجمعوا على إمامته في الحديث وجلالته وتحرّيه واحتياطه وإتقانه.
قال الإمام أحمد بن حنبل : لم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث ولا أحسن حديثاً منه ، روى عن ثلاثين رجلاً من الكوفة لم يرو عنهم سفيان.
__________________
(١) الأنساب ٤ / ١٥٣.