في مسائل الإجماع ، ولم ينقل عن أحدٍ من السلف فيها خلاف ، وكذلك من بعدهم في جميع الامصار. قال : ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة ، لما فيه من مخالفة المسلمين.
قلت : ويحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر في ذلك ، فقد أخرج أحمد عن عمر بسندٍ رجاله ثقات أنه قال : إنْ أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته. فذكر الحديث وفيه : فإنْ أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل. الحديث ومعاذ بن جبل أنصَاري ، ولا نسب له في قريش.
فيحتمل أنْ يقال : لعلّ الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط أنْ يكون الخليفة قرشياً ، أو تغيّر اجتهاد عمر في ذلك. والله أعلم » (١).
فإنّ ما قاله عمر في حق معاذ يدلّ دلالةً واضحةً على استجماع معاذ لشرائط الخلافة ... ولولا هذه الدلالة لما احتاج هذا القول إلى التأويل ، من جهة عدم كونه قرشيّاً ...
فتلخص : أن الحديث الشريف الذي رواه الحافظ الخطيب البغدادي يدل دلالةً تامةً واضحةً على استجماع الأمير لشرائط النبوة ، وأنه لولا اختتامها بالنبي الأكرم لكان نبيّاً ... ولا مجال لتأويله بما يخرجه عن هذه الدلالة.
ثم إنّه لا غرابة في أنْ يضع القوم حديثاً في فضل عمر مفاده استحقاقه النبوة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... ليعارضوا به الأحاديث الثابتة في الأمير وأهل البيت عليهمالسلام ... بعد أن قالوا مثل هذا الكلام في حق عالمٍ من علمائهم ...!!
__________________
(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري ١٣ / ١٠٢.