وكأنّ المحبّ الطبري قد التفت إلى ما يدلّ عليه هذا الحديث ـ مطابقةً أو بالإستلزام ـ من بطلان خلافة المتقدّمين على أمير المؤمنين عليهالسلام ، فحاول توجيه الحديث بما لا يتنافى ومذهبهم ... وهذه عبارته :
« قوله : إنه لا ينبغي أن أذهب إلاّوأنت خليفتي.
المراد به ـ والله أعلم ـ خليفتي على أهلي ، فانه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لم يستخلفه إلاّعليهم ، والقرابة مناسبة لذلك ، واستخلف ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على المدينة محمّد بن مسلمة الأنصاري ، وقيل : سباع بن عرفطة. ذكره ابن إسحاق وقال : خلّف رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في غزوة تبوك عليّاً على أهله وأمره بالإقامة فيهم ، فأرجف المنافقون على علي وقالوا : ما خلّفه إلاّ استثقالاً. قال : فأخذ علي سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهو نازل بالجرف فقال : يا نبيّ الله ، زعم المنافقون أنك إنّما خلّفتني لأنك استثقلتني وتخفّفت منّي. فقال : كذبوا ، ولكنّي خلّفتك لِما تركت ورائي ، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك ، أفلا ترضى ـ يا علي ـ أنْ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي.
أو يكون المعنى : إلاّوأنت خليفتي في هذه القضية ، على تقدير عموم استخلافه في المدينة ـ إنْ صح ذلك ـ ويكون ذلك لمعنىً اقتضاه في تلك المرّة ، علمه رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وجهله غيره. يدل عليه : أنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ استخلف غيره في قضايا كثيرة ومرّات عديدة.
أو يكون المعنى : الذي يقتضيه حالك وأمرك أنْ لا أذهب في جهةٍ إلاّوأنت خليفتي ، لأنك منّي بمنزلة هارون من موسى ، لمكان قربك مني وأخذك