عني ، لكن قد يكون شخوصك معي في وقتٍ أنفع من استخلافك ، أو يكون الحال تقتضي أن المصلحة في استخلاف غيرك ، فيتخلّف حكم الإستخلاف عن مقتضاه لمعارض أقوى منه يقتضي خلافه.
وليس في شيء من ذلك كلّه ما يدل على أنّه الخليفة بعد موته صلّى الله عليه وسلّم » (١).
أقول :
لا يخفى على أصحاب الألباب السليمة وأرباب العقول غير السقيمة ، أنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ينبغي أنْ أذهب إلاّوأنت خليفتي » مطلق غير مقيّد ، فحمل لفظ « خليفتي » على خلافة خاصة بالأهل أو بهذه القضية ، حمل بلا دليل وتقييد بلا مقيد ، وما أشبه هذا التقييد بتقييد أهل الكتاب بنوّة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ورسالته بأنها إلى العرب خاصّة دون سائر الخلق ، فإنّهم لمّا عجزوا عن انكار أصل نبوّته ورسالته عمدوا إلى تقييدها بالعرب.
أمّا دعوى حصر استخلافه على الأهل ، فبطلانها يظهر من تصريحات أئمّتهم بأنّ الإستخلاف كان على المدينة.
أمّا أن القرابة مناسبة لذلك ، فإنْ كان المراد حصر خلافته بهم ، فظاهر البطلان ، وإنْ كان المراد أنّ بين القرابة والخلافة مناسبة ، فهذا لا ينفي الخلافة على غير الأهل.
وأمّا قوله : « أو يكون المعنى إلاّوأنت خليفتي في هذه القضية على تقدير عموم استخلافه في المدينة إنْ صحّ ذلك ... ».
فتوجيه مبطل لخرافات أئمة مذهبه القائلين بأنّ هذا الإستخلاف من
__________________
(١) الرياض النضرة ( ١ ـ ٢ ) : ٢٥٥ ـ ٢٢٦.