المرّتين بين نفسه وبين علي ، وذكر حديث المنزلة في كلّ مرة ، كما تقدّم في الروايات ، فإن بعضها عن المرّة الاولى وبعضها عن المرّة الثانية.
وأمّا أنّها كانت مرّتين ، فذاك صريح المحدّثين وأصحاب السّير :
قال ابن عبد البرّ ، بترجمة الإمام عليهالسلام : « وروينا من وجوهٍ عن علي أنّه كان يقول : أنا عبدالله وأخو رسول الله لا يقولها أحد غيري إلاّ كذّاب.
قال أبو عمر : أخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين المهاجرين بمكة ، ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار بالمدينة ، وقال في كلّ واحدةٍ منهما لعلي : أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وآخى بينه وبين نفسه ، فلذلك كان هذا القول وما أشبه من علي » (١).
وقال الحافظ ابن حجر ـ بعد أن ذكر من أخبار المؤاخاة عن : الواقدي ، وابن سعد ، وابن إسحاق ، وابن عبد البر ، والسهيلي ، وابن كثير ـ وغيرهم قال ـ :
« وأنكر ابن تيميّة في كتاب الردّ على ابن المطهّر الرافضي المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصاً مؤاخاة النبي صلّى الله عليه وسلّم لعلي ، قال : لأنّ المؤاخاة شرّعت لإرفاق بعضهم ، ولتأليف قلوب بعضهم ، فلا معنى لمؤاخاة النبي لأحدٍ منهم ، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري.
وهذا ردّ للنص بالقياس ، وإغفال عن حكمة المؤاخاة ، لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى ، فآخى بين الأعلى والأدنى ...
قلت : وأخرجه الضياء في المختارة من المعجم الكبير للطبراني ، وابن تيمّة يصرّح بأنّ أحاديث المختارة أصحّ وأقوى من أحاديث المستدرك ... » (١).
__________________
(١) الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ١٠٩٨.
(٢) فتح الباري في شرح البخاري ٧ / ٣٤٥.