فلمّا أبصرهم سراقة نزل عن راحلته وركب فرسه وتناول رمحه وأقبل نحوهم.
فلمّا قرب منهم قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : اللهمّ اكفنا أمر سراقة بما شئت وكيف شئت وأنّى شئت.
فغابت قوائم فرسه في الأرض حتّى لم يقدر الفرس أنْ يتحرّك.
فلمّا نظر سراقة إلى ذلك هاله ورمى نفسه عن الفرس إلى الأرض ، ورمى رمحه ، وقال : يا محمّد أنت أنت وأصحابك أي أنت كما أنت أي آمن وأصحابك ، فادع ربّك يطلق لي جوادي ، ولك عهد وميثاق أن أرجع عنك.
فرفع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يديه إلى السّماء وقال : اللهمّ إنْ كان صادقاً فيما يقول فأطلق له جواده. قال : فأطلق الله تعالى له قوائم فرسه حتّى وثب على الأرض سليماً ، أي ولعلّ هذا في المرّة الثانية ، أو المرّة الأخيرة من السّبع على ما تقدّم ، وتقدّم أنّ الاقتصار على القوائم لا ينافي الزيادة عليها ، فلا يخالف ما سبق في هذه الرواية.
ورجع سراقة إلى مكّة ، فاجتمع الناس عليه ، فأنكر أنّه رآى محمّداً ، فلا زال به أبو جهل حتّى اعترف وأخبرهم بالقصّة ، وفي ذلك يقول سراقة مخاطباً لأبي جهل :
أبا حكم والله
لو كنت شاهداً |
|
لأمر جوادي إذ
تسوخ قوائمه |
علمت ولم تشكك
بأن محمّداً |
|
رسول ببرهان فمن
ذا يقاومه » (١) |
وقال الصفوري : « رأيت في الفصول المهمة في معرفة الأئمّة بمكة المشرفة شرّفها الله تعالى لأبي الحسن المالكي ، أنّ عليّاً ولدته أُمّه بجوف الكعبة شرّفها الله تعالى ... ».
__________________
(١) إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون ٢ / ٢١٩.