وقال أبو الحسن أيضاً في شاب معروف بالخير قال لرجل شيئاً ، فقال له الرجل : أسكت فإنّك أمّي ، فقال الشاب : أليس كان النبيّ اميّاً؟! فشنّع عليه مقالته وكفّره الناس ، وأشفق الشاب ممّا قال ، وأظهر الندم عليه. فقال أبو الحسن : أمّا إطلاق الكفر عليه فخطأ ، لكنّه مخطئ في استشهاده بصفة النبيّ ، وكون النبيّ اميّاً آية له ، وكون هذا أمياً نقيصة فيه وجهالة ، ومن جهالته احتجاجه بصفة النبيّ ، لكنّه إذا استغفر وتاب واعترف ولجأ إلى الله ، يترك ، لأنّ قوله لا ينتهي إلى حدّ القتل ، وما طريقة الأدب فطوع فاعله بالندم عليه يوجب الكف عنه » (١).
فلو لم يكن أمير المؤمنين عليهالسلام معصوماً ، ولم يكن أفضل الخلق بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كان مثل سائر الصحابة ، ومتأخراً عن الثلاثة في الرتبة ـ ومعاذ الله من جميع ذلك ـ لما جاز تشبيهه بآدم وغيره من الأنبياء ، بل كان ذلك منكراً ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله ... فظهر من كلمات القاضي عياض وغيره من الأعلام الذين نقل هو كلماتهم دلالة هذا التشبيه على أفضليّة أمير المؤمنين عليهالسلام وعصمته دلالة صريحة واضحة.
فكان كلام القاضي عياض هادماً لبنيان كلّ شبهةٍ واعتراض ، والحمد لله ربّ العالمين.
لقد ذكر علماء الاصول أنّ التشبيه محمول على العموم في كلّ محلٍ يحتمله ، ففي كتاب ( اصول الفقه ) للبزدوي :
« والأصل في الكلام هو الصريح ، وأمّا الكناية ففيها ضرب قصور ، من
__________________
(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ٢ / ٥٢١ ـ ٥٢٩.