القطعية للمغربي ، ولم يكن لقول المحبّي : « وكفى بذلك فخراً له ومن شهد له خزيمة » وجه أصلاً.
إنّ المتبادر من التشبيه في قولك : زيد كعمرو في العلم أو الحسن أو المال ... هو المساواة بينهما في تلك الامور ، ولا يشك في ذلك إلاّ المنكر للواضحات ، الدافع للبديهيّات ... فلو فرضنا تقدير حرف التشبيه في هذا الحديث الشريف ـ دون لفظ « مساو » ـ لأفاد المساواة كذلك ، بحكم التبادر المذكور ، بلا صارف ومانع عنه.
ويوضّح هذا التبادر : صحّة سلب التشبيه في صورة عدم المساواة بين الطرفين ، فإذا لم يكن زيد مساوياً لعمرو في الحسن مثلاً ، صحّ أن يقال : زيد ليس كعمرو في الحسن ، ولو لم يكن التشبيه دليلاً على المساواة ، لما صحّ سلب التشبيه في حال عدم المساواة.
وأيضاً : ترى العلماء يقولون في بحوثهم حول الصلاة والصيام والحج والزكاة ونحو ذلك ... يقولون : كذا في الآية الكريمة ، وكذا في الحديث الشريف ... فإنْ احتجّوا بحديثٍ من الأحاديث قالوا : كذا ذكره مسلم ، وكذا أخرجه البخاري ... وإذا دار بحثهم حول بعض الفروع الفقهيّة قالوا : كذا قال الشّافعي ، أو كذا قال أبو حنيفة ... وهكذا ما لا يحصى كثرةً ...
ولا ريب في أنّهم يريدون التساوي والمساواة ، وهو المتبادر منه إلى ذهن السامعين ، فلولا المطابقة التامّة لعرّض القائل نفسه للمؤاخذة والإعتراض الشديد.
فظهر ضرورة حمل التشبيه على المساواة في أمثال هذه العبارات ...