إنّ حديث التشبيه بين الإمام عليهالسلام والأنبياء ، يدلّ على العصمة والأفضليّة ، وإلاّ لما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك ... وممّا يوضّح هذا كلام السبكي بترجمة أبي داود ، حيث قال :
« قال شيخنا الذهبي : تفقّه أبو داود بأحمد بن حنبل ، ولازمهُ مدةً. قال : وكان يشبه به ، كما كان أحمد يشبه بشيخه وكيع ، وكان وكيع يشبه بشيخه سفيان ، وكان سفيان يشبّه بشيخه منصور ، وكان منصور يشبَّه بشيخه إبراهيم ، وكان إبراهيم يشبَّه بشيخه علقمة ، وكان علقمة يشبَّه بشيخه عبدالله بن مسعود رضياللهعنه.
قال شيخنا الذهبي : وروى أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة : إنّه كان يشبّه عبدالله بن مسعود بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هديه ودلّه.
قلت : أمّا أنا فمن ابن مسعود أسكت ، ولا أستطيع أنْ اشبّه أحداً برسول الله في شيء من الأشياء ، ولا أستحسنه ، ولا أجوّزه ، وغاية ما تسمح نفسي به أن أقول : وكان عبدالله يقتدي برسول الله فيما ينتهي إليه قدرته وموهبته من الله عزّجل ، لا في كلّ ما كان رسول الله ، فإنّ ذلك ليس لابن مسعود ، ولا للصدّيق ، ولا لمن اتّخذه الله خليلاً ، حشرنا الله في زمرتهم » (١).
فأنت ترى تاج الدّين السبكي لا يجوّز تشبيه ابن مسعود ـ مع ما يذكرون له من الفضائل والمناقب الكثيرة كما في ( كنز العمّال ) وغيره ـ ولا أبي بكر بن أبي قحافة ، بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ... فلو لم يكن سيّدنا أمير
__________________
(١) طبقات الشافعية ٢ / ٢٩٦.