والسلام. وقيل : هم الصابرون على بلاد الله تعالى ، كنوح صبر على أذيّة قومه ، كانوا يضربونه حتّى يغشى عليه ، وإبراهيم صبر على النار ، وعلى ذبح ولده ، والذبيح على الذبح ، ويعقوب على فقد الولد والبصر ، ويوسف على الجبّ والسجن ، وأيوب على الضرّ ، وموسى قال له قومه ( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) قال : ( كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ ) وداود بكى على خطيئته أربعين سنة ، وعيسى لم يضع لبنة على لبنةً ، صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين » (١).
إنّ في الوجوه المذكورة الدالّة على دلالة حديث التّشبيه على المطلوب كفايةً لكلّ منصف جرَّد نفسه للتحقيق عن الحق ، والعثور على مقتضى الأدلّة النقليّة والعقلية ... ولو أنَّ أولياءَ ( الدّهلوي ) وأتباعه تعصّبوا له وأبوا عن قبول الحق والتّسليم له ، فإنّا نحتجّ ـ في الوجوه الآتية ـ بكلمات ( الدهلوي ) نفسه ، تنبيهاً للغافلين ، وإتماماً للحجّة على المعاندين :
١ ـ قال ( الدهلوي ) في جواب حديث : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى" : « وأيضاً ، فإنّ تشبيه الأمير بهارون ـ وهارون خليفة موسى في غيبته في زمان حياته ، أمّا بعد حياته فقد كان خليفة موسى يوشع بن نون كما هو المعلوم ـ يستلزم أن يكون الأمير كذلك خليفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا غاب في حياته لا بعد وفاته ، بل يكون الآخرون خلفائه ، كي يتمُّ التشبيه. وحمل كلام الرسول على التشبيه الناقص خلاف الديانة ».
وهذا الوجه أخذ ( الدهلوي ) من ( تفسير الرازي ) لنفي خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل ، وقد
__________________
(١) إرشاد العقل السليم = تفسير أبي السعود ٨ / ٩٠.