وحرّم القاضي عياض تشبيه غير النّبيّ بالنّبيّ ، بل تشبيه بعض أحوال غير النبيّ بالنبيّ ، تحريماً أكيداً ، يستوجب الحبس والتعزير ، وأقام على ذلك وجوهاً عديدة ، واستشهد بشواهد من التأريخ والأثر ، ومن أقوال المتقدّمين وأفعالهم ، وإليك النصّ الكامل لكلامه في ( الشفا بتعريف حقوق المصطفى ) ، في الباب الأول ، في بيان ما هو في حقّه سبّ أو نقص من تعريض أو نصّ :
« فصل : الوجه الخامس ـ أنْ لا يقصد نقصاً ، ولا يذكر عيباً ، ولا سبّاً ، ولكنّه ينزع بذكر بعض أوصافه ، ويستشهد ببعض أحواله صلىاللهعليهوآلهوسلم الجائزة عليه في الدنيا على طريق ضرب المثل والحجة لنفسه أو لغيره ، أو على التشبيه به ، أو عند هضيمة نالته ، أو غضاضة لحقته ، ليس على طريق التأسّي وطريق التحقيق ، بل على مقصد الترفيع لنفسه أو لغيره ، أو سبيل التمثيل وعدم التوقير لنبيّه ( ص ) ، أو قصد الهزل والتبذير ، بقوله كقول القائل : إن قيل فيَّ السوء فقد قيل في النبيّ. أو : إن كذّبت فقد كذّب الأنبياء. أو : إن أذنبت فقد أذنبوا. أو : أنا أسلم من ألسنة الناس ولم تسلم منهم أنبياء الله ورسله. أو : قد صبرت كما صبر أولوا العزم من الرسل ، أو كصبر أيّوب ، أو قد صبر نبيّ الله من عداه ، وحلم على أكثر ممّا صبرت ، وكقول المتنبّي :
أنا في امّة
تداركها الله |
|
غريب كصالح في
ثمود |
ونحوه من أشعار المتعجرفين في القول ، المتساهلين في الكلام ، كقول المعرّي :
كنت موسى وافته بنت
شعيب |
|
غير أنّ ليس
فيكما من فقير |
على أنّ آخر البيت شديد عند تدبّره ، وداخل في باب الإزراء والتحقير