تتعلق الإرادة بها مرسلة ، بل انما تتعلق الإرادة بها على تقدير حصول الوقت ، وكيف يمكن ان تتعلق الإرادة بأمر مقيد بما هو خارج عن القدرة مع عدم حصوله؟ إذ ليست الإرادة عبارة عن نفس الحب والشوق حتى يقال : يمكن تعلق الحب والشوق بأمر محال التحقق ، فضلا عما يمكن تحققه ولو عن غير اختيار ، فضلا عما هو مقطوع التحقق كالفجر في المثال ، بل المراد من الإرادة هي التي يعبر عنها بالطلب عند من يقول باتحاد الطلب والإرادة ، ومعلوم : ان الطلب عبارة عن حملة النفس وتصديها نحو المطلوب ، وهل يعقل تصدى النفس نحو ما يكون مقيدا بأمر غير اختياري؟ كلا لا يمكن ذلك ، بل النفس انما تتصدى نحو الامر الاختياري ، وهو ذات الصلاة ، والمفروض ان ذاتها ليست مطلوبة ، بل المطلوب منها هو خصوص المقيدة بكونها عند الطلوع ، وفرضنا انها باعتبار القيد غير اختيارية ، فكيف يمكن ان تتعلق الإرادة الفعلية بها؟ وما يترائى من المشي والسعي نحو مسجد الكوفة لادراك الصلاة عند طلوع الفجر إذا كانت مطلوبة بهذا الوجه ، فإنما هو لمكان التفويت ، حيث إنه لو لم يسع إلى ذلك يفوت عنه مصلحة الصلاة في المسجد عند الفجر ، وأين هذا مما نحن فيه ، من تعلق الإرادة التبعية الناشئة من إرادة ذي المقدمة؟ فان باب الإرادة التبعية امر ، وباب التفويت امر آخر ، فالمستشكل كان حقه ان لا يمثل بما يجرى فيه برهان التفويت ، بل يفرض الكلام فيما إذا لم يتوقف المطلوب على مقدمات يلزم تحصيلها لمكان التفويت ، كما لو فرض ان الشخص حاضر في مسجد الكوفة ، ففي مثل هذا يتضح الفرق بين المثالين : مثال كون الصلاة مطلوبة بلا قيد ، ومثال كونها مطلوبة عند طلوع الفجر ، فهل يمكنه ان يقول : انه لا نجد فرقا بين المثالين؟ كلا لا يمكنه ذلك ، فإنه لو كانت نفس الصلاة مطلوبة بلا قيد فلا محالة انه يحرك عضلاته نحوها ويأتي بها في الحال ، بخلاف ما إذا كانت مطلوبة على تقدير طلوع الفجر ، فإنه لا يحرك عضلاته نحوها في الحال بل ينتظر ويصبر حتى يطلع الفجر. وليس ذلك الا لمكان عدم تعلق الإرادة الفعلية بها ، وهل يمكن لاحد ان يدعى عدم الفرق بين المثالين وان الإرادتين في كليهما على نهج واحد؟.
فعلم من جميع ما ذكرنا : انه لا مجال لدعوى امكان الواجب المعلق ، وان