كان من سنخ الوظائف التي يتعبد بها ، بحيث لو لم يتعلق بها نهى وتعلق بها امر كان أمرها أمرا عباديا لا يسقط الا بالتعبد به والتقرب إليه تعالى ، من غير فرق بين ما كان ذاتا عبادة ، كالسجود لله ـ لو فرض تعلق النهى به ـ وما لم يكن كذلك ، كالصوم والصلاة ، فان السجود لله بوصف كونه مما يتقرب به إليه تعالى فعلا لا يعقل تعلق النهى به ، بل تعلق النهى به موجب لعدم كونه مقربا ، وان كان مقربا لولا النهى ، كما هو الحال في مثل الصلاة والصوم.
واما الثاني :
فلانه قد تقدم ان الفساد لولا النهى كان من جهة أصالة عدم المشروعية ، واما لو تعلق النهى بها كان الفساد من جهة قيام الدليل الاجتهادي عليه ، والأصل لا يقاوم الدليل ، مضافا إلى أنه ربما تكون العبادة مندرجة تحت اطلاق ما دل على مشروعيتها في نوعها ، فيكون الفساد مستندا إلى النهى ليس الا ، كما لا يخفى.
واما الثالث :
فلان ذلك مناقشة مثالية. والمقصود : ان النهى قد يتعلق بذات العبادة لأجل خصوصية نوعية قائمة بذاتها ، وان كانت تلك الخصوصية من قبيل أوصاف المكلف الآتي بالعبادة ، كالحيض. وأخرى : يتعلق النهى بالعبادة لأجل خصوصية صنفية أو شخصية خارجة عن الذات لاحقة لها. والمناقشة بان الحيض ليس من الخصوصيات المنوعة للذات لا أهمية لها.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم : ان النهى المتعلق بالعبادة يقتضى الفساد مطلقا ، سواء كان لذاتها ، أو لجزئها ، أو لشرطها ، أو لوصفها ، إذا كانت هذه من الوسائط الثبوتية ، سواء قلنا : بكفاية عدم الامر لفساد العبادة ـ كما يحكى عن الجواهر ـ أو عدم كفاية ذلك بل يتوقف الفساد على عدم الملاك أيضا ـ كما هو المختار ـ وسواء كان اطلاق الامر بدليا ( كصل ) أو شموليا ( كأكرم العالم ) لو فرض انه امر عبادي فإنه على جميع هذه التقادير النهى يقتضى الفساد ، فإنه لا محيص عن تقييد اطلاق متعلق الامر بما عدا مورد النهى بعد ما كانت النسبة بين المتعلقين العموم المطلق وكان متعلق النهى أخص ، فإنه لولا التقييد يلزم الغاء النهى بالمرة ، أو اجتماع