ولا يتوهم : انه لا معنى للبحث عن ذلك بعد ما كان مقتضى الأصل الفساد ، لأنه بناء على اقتضاء النهى للفساد يكون الفساد مستندا إلى الدليل الاجتهادي الحاكم على الأصل العملي ، وان كان موافقا له في المؤدى كما حقق في محله. فدعوى ان مورد البحث يختص فيما إذا كان هناك مقتض للصحة مما لا شاهد عليها.
الامر الخامس :
لا أصل في نفس الجهة المبحوث عنها لو شك فيها ، سواء كان البحث عن اقتضاء النهى الفساد من حيث الدلالة اللفظية ، أو كان من حيث الملازمات العقلية ، إذا لملازمة العقلية لو كانت فهي أزلية فليس لها حالة سابقة ، فلا أصل يحرز الملازمة وعدم الملازمة ، وكذلك لا أصل لنا يعين دلالة اللفظ وعدم دلالته لو شك في الدلالة ، وذلك واضح. هذا بالنسبة إلى المسألة الأصولية المبحوث عنها في المقام.
واما بالنسبة إلى المسألة الفرعية المستنتجة عن المسألة الأصولية ، ففي العبادات يرجع الشك فيها إلى الشك في المانعية ، لأن الشك في اقتضاء النهى للفساد يستتبع الشك في مانعية المنهى عنه عن العبادة ، ويندرج في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين ، ويكون المرجع هو البراءة فيها أو الاشتغال ، كل (١) على مسلكه.
هذا إذا كان هناك امر بالعبادة مع قطع النظر عن النهى. واما لو لم يكن امر بها فالشك في اقتضاء النهى للفساد يوجب الشك في مشروعية العبادة ، والأصل يقتضى عدم المشروعية ، فتأمل.
واما في المعاملات : فالشك في اقتضاء النهى للفساد يستتبع الشك في
__________________
١ـ وقد أطلق شيخنا الأستاذ مد ظله القول باندراج المقام في مسألة دوران الامر بين الأقل والأكثر ، ولكن ينبغي التفصيل ، بين ما إذا تعلق النهى بنفس العبادة ، وبين ما إذا تعلق بجزئها أو شرطها ، فإنه لو تعلق بنفس العبادة لا يرجع الشك فيها إلى الشك في المانعية ، لاقتضاء النهى حرمة العبادة على كل حال وان شك في اقتضائه الفساد ، ومع حرمة العبادة لا يمكن تصحيحها ، إذ ليس هناك شيء وراء العبادة تعلق النهى به يشك في مانعية ، حتى ينفى بالأصل ، فتأمل جيدا. منه