يندرج ذلك في المسألة المبحوث عنها؟ ويتأتى القول بجواز اجتماع الأمر والنهي في مورد التصادق في الفرض المذكور ، أو انه لا يندرج في ذلك؟ بل لابد من القول بتعارض الأمر والنهي في مورد التصادق وأعمال قواعد التعارض.
الحق هو الثاني ، لان التلازم بين متعلق الامر ومتعلق النهى في مورد التصادق دائمي ، ويمتنع اختلاف المتلازمين في الحكم إذا كان التلازم دائميا ، لعدم قدرة العبد على امتثالهما ، كما في الضدين. فكما لا يجوز الامر بالقيام والقعود في زمان واحد ، كذلك لا يجوز الامر باستقبال المشرق والنهى عن استدبار المغرب في زمان واحد ، لأنه لا يعقل امتثال كل من الأمر والنهي ، والتكليف الغير القابل للامتثال لا يعقل تشريعه ، وذلك واضح.
فالأقوى اعمال قواعد التعارض ، فيما إذا كان كل من اطلاق الأمر والنهي شموليا وكانت النسبة بينهما العموم من وجه ، سواء كان التركيب في مورد الاجتماع من التركيب الاتحادي ، أو من التركيب الانضمامي ، وبعد هذا لا تصل النوبة إلى اعمال مرجحات باب التزاحم.
إذا عرفت ذلك ، فلنرجع إلى ما كنا فيه ، وهو انه لو لم يكن للمكلف مندوحة وانحصرت الصلاة في الدار الغصبية ، فهذا تارة : يكون بسوء اختياره كمن توسط في الأرض المغصوبة اختيارا وضاق الوقت الا عن الصلاة فيها. وأخرى : يكون لا بسوء اختياره كالمحبوس في الدار الغصبية. فان كان عدم المندوحة لا بسوء اختياره فهذا مما لا اشكال في صحة الصلاة منه في الدار الغصبية وسقوط قيدية لزوم عدم ايقاعها في المكان المغصوب مطلقا ، سواء قلنا بجواز اجتماع الأمر والنهي ـ كما هو المختار ـ أو قلنا بامتناعه.
اما بناء على القول بالامتناع : فلان القيدية انما استفيدت من تعلق النهى بالصلاة في الدار الغصبية ، لما عرفت : من أنه بناء على الامتناع يكون مورد التصادق من صغريات النهى في العبادة ، والقيدية المستفادة من الحرمة النفسية تدور مدار الحرمة. وليست كالقيدية المستفادة من النواهي الغيرية ، مثل قوله : لا تصل في غير المأكول ، حيث قلنا ان الظاهر منها هو القيدية المطلقة ، سواء تمكن المكلف منها