المصداقية؟ وكيف تجرى فيه أصالة العموم؟ مع ما عرفت من أن أصالة العموم انما تكون لاحراز المراد واقعا ولا تحرز المصاديق أصلا ، وهذا في القضايا الحقيقية واضح.
واما القضايا الخارجية : فقد يتوهم صحة التمسك فيها بالعام في الشبهات المصداقية ، من جهة ان القضية الخارجية وان سيقت بصورة الكبرى الكلية ، الا انه قد تقدم ان الحكم فيها ابتداء يرد على الافراد بلا توسط عنوان ، والعنوان المأخوذ في ظاهر القضية ليس له دخل في مناط الحكم ، فالعام في القضية الخارجية بنفسه ابتداء متكفل لحكم الافراد ، وقد تعرض العام لحكم الفرد المشتبه قبل ورود التخصيص ، وبعد ورود الخاص يشك في خروج الفرد المشتبه عن حكم العام ، والمرجع حينئذ هو أصالة العموم. فلو قال : أكرم كل من في الدار ، ثم قال : لا تكرم من كان في الطرف الشرقي منها ، أو قال : لا تكرم أعدائي الذين هم في الدار ، وتردد حال زيد بين ان يكون من الطرف الشرقي أو غيره ، أو تردد بين ان يكون من الأعداء أولا ، فحيث ان قوله أولا ( أكرم كل من في الدار ) قد شمل زيدا وتعرض لوجوب اكرامه ، ولم يعلم خروجه بعد ذلك عن حكم العام ، كان اللازم وجوب اكرامه لأصالة العموم وعدم التخصيص ، هذا.
ولكن الانصاف : انه لا فرق بين القضية الحقيقية والقضية الخارجية ، في عدم التعويل على العام في الشبهات المصداقية ، للعلم بان كيفية استعمال العام والخاص يكون فيهما على نهج واحد ولا يكون الاستعمال في القضية الخارجية على نحو يغاير نحو الاستعمال في القضية الحقيقية وان المناط في عدم صحة الرجوع إلى العام فيهما واحد لا يختلف. غايته ان أصالة العموم في القضية الحقيقية قبل العثور على المخصص انما كانت محرزة لكون عنوان العام تمام الموضوع للحكم الواقعي ، وفي القضية الخارجية كانت محرزة لكون المتكلم لم يحرز ان في الدار عدوا له بعد العلم بأنه لا يريد اكرام عدوه ، وبعد ورود الخاص يعلم أن المتكلم أحرز ان له عدوا في الدار. كما أن بعد ورود الخاص في القضية الحقيقية يعلم أن عنوان العام لم يكن تمام الموضوع للحكم الواقعي ، وبعد ما علم المخاطب ان المتكلم لا يريد اكرام العدو وانه