الوجه الثاني :
من الوجهين الذين استدل بهما القائل باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص ، هو مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الضد الاخر ، فيكون عدمه واجبا لوجوب مقدمة الواجب ، فيكون وجوده منهيا عنه وهو المقصود. اما وجه كون عدم الضد مقدمة لوجود الآخر ، فلما بين المتضادين من التمانع ، ومعلوم ان عدم المانع من اجزاء علة وجود الشيء ، وحيث انجر الكلام إلى ذلك ، فلا بأس بالإشارة إلى مسألة مقدمية ترك أحد الضدين للآخر التي وقعت معركة للآراء بين المتقدمين والمتأخرين.
١ ـ قول بمقدمية وجود أحد الضدين لعدم الآخر ومقدمية عدم أحدهما لوجود الآخر ، فتكون المقدمية من الطرفين وهذا هو الذي ينسب إلى الحاجبي والعضدي.
٢ ـ وقول بمقدمية عدم أحد الضدين لوجود الآخر ولا عكس ، وهذا هو الذي ينسب إلى المحقق القمي ، وصاحب الحاشية ، والسبزواري وغيرهم ، وعلى ذلك بنوا اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص.
٣ ـ وقول بمقدمية الوجود للعدم ولا عكس ، وعليه يبتنى شبهة الكعبي من نفى المباح.
٤ ـ وقول بنفي المقدمية من الجانبين لا مقدمية الوجود للعدم ولا مقدميـة العدم للوجود وهذا هو الذي اختاره بعض المحققين والذي ينبغي البناء عليه ، على ما سيأتي.
٥ ـ وقول بالتفصيل بين الضد الموجود فيتوقف وجود الآخر على رفع الموجود وعدمه فيكون عدم الضد الموجود من اجزاء علة وجود الضد الآخر ، وبين ما لم يكن أحد الضدين موجودا ، فإنه لا توقف ح من الجانبين.
اما القول الأول ، ففساده غنى عن البيان ، لاستلزامه الدور الذي لا يخفى على أحد.
واما القول الثاني ، فقد عرفت ان عمدة استدلالهم عليه هو تمانع الضدين