الجزاء والشرط علقة ثبوتية وكانا متقارنين من باب الاتفاق ، لم يكن انتفاء الشرط مستتبعا لانتفاء الجزاء ، إذ لا مدخلية للشرط حينئذ في وجود الجزاء.
وكذا لو فرض ان بينهما علاقة ثبوتية ولكن لم تكن تلك العلاقة علاقة العلية والمعلولية بل كانت علاقة التلازم ، فإنه أيضا لا يقتضى انتفاء الشرط انتفاء الجزاء ، لان انتفاء أحد المتلازمين لا يستلزم انتفاء اللازم الآخر. الا إذا كان التلازم دائميا ، بحيث كانا معلولين لعلة ثالثة منحصرة ، فان انتفاء أحد المتلازمين في مثل هذا يقتضى انتفاء الآخر ، الا ان القضية الشرطية حينئذ لا تدل على هذا الوجه من التلازم ، فان العلة لم تكن مذكورة في القضية حتى يستفاد منها الانحصار أو عدم الانحصار ، وأقصى ما تقتضيه القضية الشرطية ـ بناء على عدم استفادة علية الشرط للجزاء ـ هو مجرد التلازم بين الشرط والجزاء ، واما كونه على هذا الوجه أو على ذلك الوجه فليس للقضية الشرطية دلالة عليه ، ولا بد في اثبات ذلك من الخارج ، فيخرج عما نحن فيه : من دلالة نفس القضية الشرطية على المفهوم. وكذا لو فرض عدم دلالة القضية الشرطية على كون الشرط علة منحصرة ، فان انتفاء الشرط في مثل ذلك أيضا لا يقتضى انتفاء الجزاء ، لامكان ان يخلفه شرط آخر. فالمهم هو اثبات ظهور القضية الشرطية في كون الشرط علة منحصرة ، اما وضعا واما اطلاقا.
فنقول : اما دلالة القضية الشرطية على ثبوت العلقة بين الشرط والجزاء وانه ليس ذلك محض الاتفاق ، فمما لا ينبغي الاشكال فيها ، بل لا يبعد كون دلالتها على ذلك بالوضع ، لعدم صحة مثل ـ إذا كان الانسان ناطقا كان الحمار ناهقا ـ بلا عناية ، بل يتوقف على لحاظ عناية وعلاقة جعلية لحاظية. والا فان نفس القضية الشرطية تقتضي ان يكون بين الشرط والجزاء علاقة لزومية ، فان لم يكن ذلك بالوضع ـ كما هو ليس ببعيد ـ فلا أقل من ظهورها العرفي في ذلك.
واما دلالة القضية الشرطية على كون العلقة بين الجزاء والشرط علقة الترتب وعلية الشرط للجزاء ، فهي وان لم تكن بالوضع وليس لنفس القضية الشرطية ظهور عرفي في ذلك ، الا انه لا يبعد دعوى الظهور السياقي في ذلك ، حيث إن سوق الكلام من جعل الشرط مقدما والجزاء تاليا ، هو ان يكون الكلام على وفق