وله عذر واضح ؛ بل يلزم منه أيضا استباحة الأغنياء زكاة الفقراء غير السادات ، وخمس السادات مع القول بالتعلق بالعين.
ومن ذلك يظهر أن أدلة الجواز لا تقوى على تخصيص هذه الأدلة ، سيما مع اختلاف نقل الإجماع ؛ وعدم خلو كثير من النصوص السابقة عن البحث في السند أو الدلالة ، وإمكان حمل جملة منها على شهادة القرينة بالإذن ، كما يرشد اليه خبر الجدران ، أو على أن لذلك العصر خصوصية على شهادة القرينة بالإذن أو على حال الضرورة أو على تعليم أهل الثمار الرخصة ، وأنه ينبغي لهم ذلك نحو ما وقع من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي المروي عن صاحب الزمان عجل الله فرجه (١) في جواب مسائل العمري ، « أما ما سألت من أمر الثمار من أموالنا يمر به المار فيتناول منه ويأكل هل بحل له ذلك؟ فإنه يحل له أكله ، ويحرم عليه حمله » ولا أقل من أن يفيد ذلك كله الشك والأصل الحرمة.
هذا أقصى ما يقال في ترجيح القول بالعدم الذي هو مختار المرتضى في المحكي عنه في المسائل الصيداوية ، والفاضل في مكاسب المختلف ، وإن توقف في الأطعمة ، والمحقق الثاني وغيرهم من المتأخرين ومتأخريهم ، واختاره الأستاد الأكبر ، إلا أن الجميع كما ترى ، بل يشبه أن يكون اجتهادا في مقابلة النص ، إذ القاعدة بعد تسليم حكم العقل بإقعادها حال عدم العلم بالكراهة يجب الخروج عنها ببعض ما عرفت ، فضلا عن جميعه كغيرها من القواعد ، إذ مرجعه إلى الإذن الشرعية التي هي أقوى من المالكية ، وبها مع فرض كون موضوع البحث عدم العلم بالكراهة ، يخرج ما نحن فيه عن موضوع الظلم والخيانة والسراقة والجور والأكل بالباطل ونحو ذلك.
والصحيح مع معارضته بغيره محتمل للحمل منها وللكراهة ، ولإرادة بيان حكم التناول مع نهى المالك وأمر القيم ، ولغير ذلك ؛ والمرسل مع عدم الجابر
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ٩.