والفتوى منع النسيئة في الأثمان ولو فرضت على وجه لا تنافي التقابض في المجلس ، كما إذا كان الأجل قصيرا جدا ، بل في خبر عبد الرحمن (١) « أن الناس لم يختلفوا في النسيء ( أي في بيع الأثمان ) : أنه الربا ».
وعلى كل حال فظاهر ما سمعته من الفتاوى ومعاقد الشهرات والإجماعات كون التقابض قبل الافتراق شرطا في الصحة ؛ فقبله لا صحة فلا انتقال ، وفي خبر محمد بن قيس (٢) السابق دلالة عليه ، بل وفي خبر الجبلي (٣) وبه يخرج حينئذ عن قاعدة اقتضاء العقد الملك ، المعتضدة بأصالة عدم شرط آخر ، بل وعن ما ادعى في غير المقام من الإجماع على عدم اعتبار أزيد من القبض في الملك ، ردا على القائل بتوقفه على انقضاء الخيار ، إذ قد عرفت من الأدلة السابقة اعتبار التقابض منهما معافيه ، فلا يكفي قبض أحدهما بل هو حينئذ في يده كالأمانة قبل قبض الأخر ، بل ان لم نجعله كالمقبوض بالسوم ؛ أمكن عدم ضمانه بالتلف بغير تفريط.
نعم قد يقال بحصول الملك به لو قبض الأخر بعده من حين القبض الأول ؛ بل وان تلف من يده ، مع أنه لا يخلو من نظر وبحث ، ضرورة إمكان القول بحصول الملك في العوضين معا عند حصول القبض المتأخر الذي هو شرط لتأثير السبب ، بل به يتحقق التقابض فلا يجدى القبض السابق ، وعليه يتجه حينئذ بطلان الصرف لو تلف المقبوض قبل القبض الأخر ؛ بحيث خرج عن صلاحية الملك ، فضلا عن تلف غير المقبوض. اللهم الا أن يقال بصحته ؛ بناء على كونه مضمونا مطلقا أو حيث يكون بأن أتلفه بتفريط على معنى انتقال الصرف حينئذ إلى بدل التالف ولكن فيه تأمل أيضا.
وكيف كان فاحتمال أن التقابض شرط لتأثير العقد الملك ، فحصوله حينئذ يكشف عن حصوله من أول العقد ، وعدمه كذلك كاحتمال عدم مدخلية التقابض في ذلك ، وأن العقد أثر ما يقتضيه من الملك ، الا أنه يبطله الافتراق قبل التقابض إذ هو حينئذ كالفسخ بالخيار
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الصرف الحديث ١.
(٢) و (٣) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ٣ ـ ١