المقام الأول ـ في أثر العلم الإجمالي بالغصبية بلحاظ الشجرتين ، ولا إشكال في تنجيزه للأحكام التكليفية المتعلقة بنفس الشجرة المغصوبة كحرمة التصرف فيها للعلم بتمام موضوعها ، وانما الكلام في ضمانها إذا تلفت إحداهما بيده وكأنهم بنوا على الضمان لأن تمام الموضوع فيه ان يكون المال للغير وان يكون تحت يد الإنسان بلا اذن مالكه وكلا الجزءين محرز في المقام.
الا ان هنا خطا شايعا نشأ من الخلط وعدم التمييز بين الضمان بمعنى العهدة والضمان بمعنى اشتغال الذّمّة بالقيمة أو المثل. فان المحقق النائيني ( قده ) وان جاء في كلماته ان العهدة وعاء الأعيان والذّمّة وعاء الأمور الكلية الا ان جوهر الفرق بين العهدة والذّمّة لم يوضح في كلماتهم ، وتفصيل ذلك موكول إلى محله من الفقه ، الا اننا نقول هنا على سبيل الإيجاز بان العهدة والذّمّة أو الضمان وشغل الذّمّة مفهومان متباينان بحسب المفهوم وبينهما عموم من وجه بحسب المورد والمصداق لأن الضمان مرجعه إلى المسئولية والتعهد والتكليف من دون استلزام حق الملكية بينما اشتغال الذّمّة مرجعه إلى تملك شيء على الآخر وحيث ان الملكية بحاجة إلى مملوك ففرضت الذّمّة وعاء له.
ويجتمع المعنيان في مثل ما إذا أتلف شخص مال الغير فانه تشتغل ذمته بمثله أو قيمته كما انه مسئول عن أدائه إليه.
واما مورد تحقق الضمان دون شغل الذّمّة فمصاديقه غير متوفرة كثيرا في فقهنا الا انه يمكن ان يذكر منهما باب الكفالة فان مرجعها إلى التعهد بإحضار المدين امام غريمه بحيث يجب على ذلك ويحبس إذا أخل به ولكن لا تشتغل ذمته بالدين ، وهناك لدى فقهاء العامة تصوير للضمان على الأموال في عقد الضمان بمحض العهدة لا اشتغال الذّمّة. ومن مصاديقه عندنا ما إذا استدان العبد فان المشهور ان المولى يضمن أداء دين عبده وان كانت ذمته غير مشغولة به فلا يخرج من تركته إذا مات.
ومورد تحقق شغل الذّمّة دون العهدة واضح في الفقه أيضا كموارد الثمن قبل قبض المبيع فان ذمة المشتري مشغولة به ولكن لا يجب دفعه قبل قبض المبيع.