النهي الواقعي فهو محال لأنه من أخذ عدم الضد قيدا في موضوع الضد الاخر وان أريد مجرد بيان مطلب واقعي وهو انه متى ما لم يكن هذا الضد موجودا وهو الحرمة والنهي فالضد الاخر وهو الإباحة ثابت فهذا لغو من الكلام. وهكذا يتعين ان يراد من الإطلاق الترخيص الظاهري وهو لا يناسب ان تكون الغاية فيه عدم صدور النهي وتشريعه بل عدم وصوله والعلم به لأن الأحكام الظاهرية مغياة بالعلم لا بالواقع.
وفيه : أولا ـ ان إرادة الترخيص الواقعي لا محذور فيه ، لأن المراد بالنهي الخطاب المبرز لا الحرمة لأنه اسم له فغاية ما يلزم تقيد الحرمة الواقعية بالعلم بخطابها وقد تقدم في محله إمكان ذلك.
ثانيا ـ لو فرض استحالة التقييد بذلك أيضا ، قلنا انه مجرد بيان لثبوت الحلية واقعا كلما لم يصدر التحريم ولا يلزم منه اللغوية بل يفيد الكشف عن ثبوت الحلية الواقعية شرعا عندئذ كلما لم يصدر خطاب شرعي بالتحريم. نعم هذا قد يكون منافيا مع ظهور الغاية في المولوية إذ فيه نوح إرشاد إلى ما هو ثابت واقعا فيكون خلاف الظاهر.
ثالثا ـ يمكن إرادة الترخيص الظاهري ومع ذلك لا معين لأن يكون الورود بمعنى الوصول بل الصدور ويكون مفاد الحديث جعل الترخيص الظاهري والإباحة في الأشياء قبل نزول الوحي بالتحريم والنهي.
فكما ان الاحتمال الثالث يناسب الوصول يناسب الصدور أيضا ولا يلزم تقيد الترخيص الظاهري بعدم الحرمة الواقعية بل بعدم صدور ما يدل على الحرمة وتشريعها فيكون مفاد الحديث مفاد القاعدة المشهورة من ان الأصل في الأشياء الإباحة قبل صدور النهي.
المرحلة الثانية ـ لو فرضنا استظهار الوصول من الورود فهل تكون البراءة المستفادة من الحديث محكومة لدليل الاحتياط لو تم أو معارضة معه ، وهذا يتوقف على تشخيص ان المراد بالنهي في الغاية هل هو الواقعي أو الأعم منه ومن الظاهري ، فعلى الأول تكون البراءة معارضة مع دليل الاحتياط لأنه لا يثبت النهي الواقعي وعلى الثاني تكون محكومة ومتأخرة عنها لا محالة. ولا ينبغي الإشكال في ان الظاهر هو الأول ، لأن النهي قد أضيف إلى موضوع القضية في الحديث وهو الشيء فقيل ( حتى يرد فيه نهي ) وهذا ظاهر في ورود النهي فيه بما هو شيء لا بما هو مشكوك النهي والحرمة فان هذا