وثالثا ـ لو سلمنا ان البراءة لا تشمل موارد الشك في المسقط للتكليف بهذا العنوان مع ذلك قلنا بان البراءة حينئذ وإن لم تكن تجري عن التكليف بمعنى الوجوب لأن الشك في سقوط بقاء الا اننا يمكننا إجراء البراءة العقلية ـ على القول بها ـ أو الشرعية عن هذا التكليف بلحاظ ملاكه وروحه حيث كان يمكن للمولى الاخبار عن تحقق ملاكه بالأقل الصادر نسيانا فان مجرى البراءة كل ما يكون تحميلا شرعا سواء كان بلسان الإنشاء أو الاخبار وما هو موضوع التحميل المولوي عقلا اهتمامات المولى المبرزة بأغراضه فإذا شك فيها جرت البراءة عنها لا محالة.
وهكذا يتضح ان الصحيح جريان البراءة في موارد الشك في إطلاق الجزئية أو الشرطية لحالة النسيان لكونه من الدوران بين الأقل والأكثر أو من الشك في أصل التكليف من دون ارتباط ذلك بشبهة عدم إمكان تكليف الناسي بالأقل التي أثارها الشيخ الأعظم ( قده ) في المقام رغم عدم تماميتها في نفسه كما عرفت.
ثم ان هنا فروضا أخرى تجدر الإشارة إلى حكمها.
منها ـ ان يفرض تذكر الناسي للجزء المنسي في أثناء الصلاة بعد الدخول في الركن ، وهنا لا يرد ما ذكرناه في الدعوى الأولى من خروج أحد طرفي العلم الإجمالي الدائر بين التعيين والتخيير عن محل الابتلاء لامتثاله إذ لا امتثال للواجب الاستقلالي بعد. الا ان هنا علما إجماليا آخر يكون دائرا بين متباينين وهو العلم الإجمالي بوجوب إتمام هذه الصلاة وحرمة قطعها أو الإتيان بالأكثر ضمن فرد آخر وهذا العلم الإجمالي قد تقدم تصويره في أصل مسألة الدوران من قبل المحقق العراقي ( قده ) وأجاب عليه بجوابين أحدهما لم يكن تاما في نفسه والآخر هو الانحلال الحكمي لأن أحد طرفيه وهو وجوب الإتمام كان منجزا عليه بالعلم التفصيليّ من أول الأمر وهذا الجواب ان تم هناك فلا يتم هنا لأن هذا العلم التفصيليّ زائل بعد التذكر وحصول العلم الإجمالي كما هو واضح.
الا انه يرد هنا ما ذكرناه من الجواب المختار هناك على منجزية هذا العلم الإجمالي من ان حرمة القطع ليس موضوعها الصلاة الواقعية بل الصلاة التي يجوز للمكلف بحكم وظيفته العلمية الاجتزاء بها فتكون حرمة القطع في طول جريان الأصل عن الزائد فلا يمكن ان يعارضه.