الروايات المتقدمة لأن الضرر فيه كان من طرف واحد وهو سمرة بن جندب على الأنصاري لا من الطرفين خصوصا في نظر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي لا بد وان يستعمل اللفظ بحسب نظره لا دعوى سمرة ولو فرض انه مدع للضرر من جانب الأنصاري عليه أيضا يستلزم التكرار لأن لا ضرر ينفي الضرر من الطرفين فيكون تكراره من جديد بصيغة لا ضرار مستهجنا وركيكا.
٣ ـ ان يكون بمعنى الضرر الشديد المؤكد ، وهذا أيضا يلزم منه التكرار لأن الضرر الشديد أيضا منفي بلا ضرر.
٤ ـ ان يكون بمعنى الضرر المتعمد الّذي يصر عليه ويتخذ ذريعة إليه ، وهذا هو المتعين في المقام فان سمرة بن جندب كان يتذرع ويصر على الإضرار بالأنصاري باتخاذ حقه في العذق ذريعة إلى الدخول عليه بلا استئذان ، فالحكم بان الناس مسلطون على أموالهم وإن كان غير ضرري في نفسه ولكن قد يتخذ ذريعة للإضرار بالآخرين ويتقصد به ذلك كما فعل سمرة بن جندب ، أو يتخذ أحد الشريكين حقه في العين لمنع انتفاع الغير بها بوجه من الوجوه ، وهذا المعنى مضافا إلى استفادتنا له وجدانا من كلمة الضرار هو المناسب من استعمال هذه الكلمة في هذه الروايات بلحاظ ما أشرنا إليه من لزوم التكرار المستهجن.
وقد يقال : بان الضرر معناه مباين مع الضرر ، لأن الضرر هو النقص في المال والكرامة بينما الضرار الشدة والضيق من دون نقص ، ويستشهد على ذلك باستعمالات هذه الكلمة في القرآن الكريم كقوله تعالى ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ) (١) وقوله تعالى ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) (٢).
وفيه : أولا ـ ما تقدم من وجود النقص في هذه الموارد أيضا من ناحية حقه وكرامته فان نقص حق الاستقرار أو إراحة أو تحديد حريته وسكون باله ضرر أيضا عقلائيا لأنه نقص لحيثية مهمة ولا يشترط كون النقص في امر مادي ، ولهذا قد يستعمل في ذلك الضرر أيضا كقوله تعالى ( ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر انهم لن يضروا الله
__________________
(١) التوبة : ١٠٧.
(٢) البقرة : ٢٣١.