لكونه أظهر وأقوى دلالة من العام واما الحكومة فالقرينية تكون بدلالة عرفية لأن الحاكم بلسانه اللفظي ينظر إلى الدليل المحكوم ويفسره اما من خلال النّظر إلى موضوعه والتصرف فيه توسعة أو تضييقا كما في دليل لا ربا ، أو من خلال النّظر إلى عقد المحمول في المحكوم كما في أدلة نفي العسر والحرج ، وفي كلا القسمين لا تلحظ النسبة بين الحاكم والمحكوم اما في الأول فلأن الدليل المحكوم يدل على قضية شرطية ولا يتكفل إثبات الشرط ـ عقد الموضوع ـ أو نفيه بخلاف الدليل الحاكم الّذي ينفي الموضوع والشرط بين الوالد والولد ـ وقد قاس المحقق النائيني ( قده ) ذلك بتقديم الأهم على المهم ورفعه لموضوعه وهو القدرة بالامتثال ـ واما في القسم الثاني : فلأن الدليل الحاكم يرفع موضوع حجية الإطلاق وهو الشك ويبدله إلى العلم تعبدا بعدمه فيرتفع موضوعها.
أقول : يرد على ما أفاده من أن القرينية في التخصيص عقلية وفي الحكومة عرفية ان القرينية في كليهما عقلية بمعنى ان التنافي بينهما بملاك التضاد وعدم إمكان الاجتماع مع فعلية موضوعهما معا ، وانما الفرق بينهما ان قرينية الحاكم شخصية وقرينية المخصص نوعية على توضيح وشرح موكول إلى محله من بحوث التعارض غير المستقر.
ومنه ظهر بطلان ما ذكر من ان الدليل الحاكم الناظر إلى عقد الموضوع ليس معارضا مع الدليل المحكوم لأنه يدل على قضية شرطية والدليل الحاكم ينظر إلى ثبوت الشرط وعدمه والشرطية لا تتكفل بيان شرطها أم لا ، فان ما هو الموضوع في الدليل المحكوم الرّبا الواقعي وهو متحقق حتى بعد ورود الحاكم لأن نفي الحاكم للربا بين الوالد والولد ليس نفيا حقيقيا ، نعم يتم ذلك في الورود وارتفاع الموضوع حقيقة ووجدانا.
واما ما ذكر أخيرا في القسم الثاني من الحكومة فيرد عليه :
أولا ـ ان ارتفاع موضوع حجية الإطلاق وهو الشك بالدليل الحاكم تعبدا لا يختص بالحاكم بل يجري في التخصيص وسائر وجوه الجمع العرفي.
وثانيا ـ كما يرتفع موضوع حجية إطلاق المحكوم وهو الشك في طول حجية إطلاق الحاكم تعبدا ، كذلك يرتفع موضوع حجية إطلاق الحاكم تعبدا إذا فرغ عن حجية إطلاق المحكوم لأن موضوع حجيته أيضا الشك.