٢ ـ وأما ثبوت ذلك بالبينة ، فلإنصراف كلمة (البينة) فى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البينة علي من ادّعي » (١) ، وقوله : « إنما أقضى بينكم بالبينات والأيمان » (٢) الى شهادة الرجلين العدلين. وعلى تقدير التشكيك فى الانصراف المذكور يمكن التمسك بالإطلاق المقامي ، فإنّ الوسيلة المعروفة للإثبات هى شهادة رجلين عدلين ، والسكوت عن تحديد البينة لابدَّ وأن يكون اعتماداً على ذلك.
٣ ـ وأما القَسامة (٣) ، فالاتّكال عليها كوسيلة للإثبات مخالف للقاعدة الأولية ، إذ مقتضى قاعدة « البينة على من ادّعى واليمين على من ادّعى عليه » ، أنّ كل من ادّعي شيئاً فلاتثبت دعواه إلاّ إذا أقام البيّنة عليها ، ولكن شذَّ من ذلك مورد الدم ، فإنّ ولي المقتول اذا ادّعى أنّ القاتل فلان ، فإن كانت له بيّنة على ذلك حكم بصدق دعواه ، وإن لمتكن له بيّنة فالمناسب للقاعدة المتقدمة وصول النوبة الى يمين المدّعى عليه ، ولكن لأجل النصوص الخاصة انعكست القاعدة فى ذلك فالمدّعى عليه لايمكنه دفع الدعوى عن نفسه باليمين ، بل ينحصر دفعها بالبيّنة التى تشهد بنفى نسبة القتل اليه ، واذا لمتكن له بيّنة فبإمكان المدّعى اثبات دعواه من خلال حلف خمسين رجلاً من أقاربه أو غيرهم على صدق الدعوي. وقد دلت على ذلك عدة نصوص ، كصحيحة بريد بن معاوية عن أبيعبداللّه عليهالسلام : « سألته عن القسامة ، فقال : الحقوق كلّها
__________________
١ ـ وسائل الشيعة : ١٨ / ١٧٠ ، باب ٣ من ابواب الشهادات ، حديث ١.
٢ ـ وسائل الشيعة : ١٨ / ١٦٩ ، باب ٢ من ابواب الشهادات ، حديث ١.
٣ ـ القَسامة ـ بفتح القاف ـ هى الأيمان التى يؤديها جماعة ، أو هى الجماعة التى تؤدى الأيمان. ويحتمل صدقها عليهما معاً. وقد قيل إنّ القسامة كانت جاهلية وقد أقرها الاسلام. ويظهر من بعض الأخبار أنّها سنّة شرَّعها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلاحظ رواية أبيبصير : « سألت أباعبداللّه عليهالسلام عن القسامة أين كان بدوها؟ فقال : كانت من قبل رسولالله لما كان بعد فتح خيبر تخلّف رجل من الأنصار ... » (وسائل الشيعة ، باب ١٠ من ابواب دعوى القتل ، حديث ٥ ، ج ١٩ : ١١٨) بناءً على قراءة « قبل » بكسر الاول وفتح الثاني.