أوضحنا كل ذلك في بحث الأمارات والأصول.
وبهذا البيان يتّضح ما هو المنشأ لمبنى المشهور في عدم حجية المدلولات الالتزامية للأصول ، إذ أنه لمّا كانت الحجية مجعولة على الأصل العملي بوصف كونه وظيفة مقررة في ظرف الشك واهتمام المولى بهذه الوظيفة وأهميتها على سائر الوظائف دون أن يكون المنشأ لجعل هذه الوظيفة هو كاشفية الوظيفة العملية عن الواقع ، فإنه لا يمكن في مثل هذه الحالة تعدية الحجية الثابتة للوظيفة العملية لمدلولاتها الالتزامية إذ أنّه من أين لنا العلم أن الشارع جعل الحجية للمدلول الالتزامي بالإضافة إلى المدلول المطابقي؟ وهل هذا إلاّ « من حلب الدم » والتخرّص على المولى جلّ وعلا بغير علم ، نعم لو كان دليل جعل الحجية صادقا عرفا على كلا المدلولين لكان ذلك مسوغا للتمسّك بالمدلول الالتزامي كما هو الحال في بعض المدلولات الالتزامية للاستصحاب والبحث في محلّه ، وسيأتي مزيد توضيح في بحث الأصول العمليّة إن شاء الله تعالى.
وبهذا البيان اتّضح عدم حجية المدلولات الالتزامية للأصول العملية.
والمتحصّل من كل ما ذكرناه في الموارد الأربعة أنّ الموردين الأول والثاني تكون فيهما المدلولات الالتزاميّة حجة ، وفي المورد الثالث وقع الخلاف وذهب المشهور إلى الحجيّة ، وأمّا المورد الرابع فلا إشكال في عدم الحجيّة.