الفاسق والموضوع هو النبأ ـ إلا انّه يمكن افتراض كون الموضوع هو الجائي بالنبأ والشرط هو الفسق وبالتالي لا يكون الشرط محقّقا للموضوع ؛ إذ أنّ الموضوع وهو الجائي بالنبأ فرض متقرّرا بقطع النظر عن الشرط وهو مجيء الفاسق به أو عدم ذلك ، فالموضوع ثابت سواء كان الشرط ثابتا أو منتفيا ، وحينئذ يكون مساق الآية الكريمة « إن كان الجائي بالنبأ فاسقا فتبيّنوا » ومن هنا يمكن أن يتصوّر انحفاظ الموضوع مع انتفاء الشرط هكذا : « إن لم يكن الجائي بالنبأ فاسقا فلا يجب التبيّن » وهذا يعني أنّ الجائي بالنبأ إذا كان عادلا فلا يجب التبيّن من نبئه ، وهو معنى الحجيّة لنبأ العادل.
والإشكال على صاحب الكفاية أنّه لم يشر إلى النكتة الاستظهاريّة الموجبة لتعيّن هذا الافتراض ، فهذا الافتراض وإن كان يدفع الإيراد السابق إلاّ انّه لا يحلّ الإشكال من حيث إنه لم يبيّن ما يوجب استظهار هذا الافتراض دون الافتراض الأوّل المبتلي بإشكال محقّقيّة الشرط للموضوع.
الإيراد الثاني : أنّ الآية الكريمة مذيّلة بعلّة الحكم بوجوب التبيّن من خبر الفاسق ، وهذه العلة تشمل بإطلاقها خبر العادل. ومن هنا تكون هذه العلّة قرينة أو صالحة للقرينيّة على عدم إرادة المفهوم من الآية الكريمة.
وبيان ذلك : أنّ الآية الكريمة قد علّلت وجوب التبين من خبر الفاسق بأن عدم التبيّن عمل بغير علم ، ومن الوضوح أنّ هذه العلّة لا تختص بخبر الفاسق بل هي شاملة لخبر العادل لكونه من أخبار الآحاد التي لا توجب العلم ، والعلّة كما قيل تكون معمّمة وتكون مخصّصة ، فحينما