( و ) كيف كان فـ ( ـلو لم يفرطا ) أي القيمان مثلا ( بأن غلبتهما الرياح فلا ضمان ) بلا خلاف أجده بين من تعرض له منا هنا ، للأصل بعد أن لم يكن فعل منهما ، فهما كما لو غلبتهما دابتاهما ، بل هو أقوى ، لأن ضبط الدابة أسهل من إمساك السفينة في البحر إذا هاج ، فهو مثل من ألقاه الريح على آخر ونحوه ممن لم يكن فعل منه ولا تسبيب ، الذي صرحوا فيه بعدم الضمان.
نعم عن الشافعي قولان هنا ، وفي كشف اللثام « ويحتمل ضمان عاقلتهما ما تلف من الأنفس لأنهما سببان لتلفها كما احتمل في راكبي دابتين » قيل : وربما يؤيده ما عن جماعة « من أنه إذا وقع شخص في البئر أو نزل إليها ثم وقع آخر فوقه بزلق أن على الزالق الضمان أو على عاقلته » وعن الشهيد الفرق ، بأن المباشرة في الزالق حاصلة بخلاف ما هنا إذا التقدير استناده إلى الريح ، قال : « وقضيته أنه لو أسقطت الريح شخصا أمكن مساواته للزالق في الضمان » ولكن لا يخفى عليك ما فيه ، والتحقيق عدم الضمان مع عدم فعل منه ولا تسبيب ولا شرطية استفيد من الأدلة الضمان بها ، للأصل وغيره ، والله العالم.
ولو اختلف حالهما بأن كان أحدهما عامدا أو مفرطا بخلاف الآخر لم يتغير حكم كل واحد منهما باختلاف صاحبه ، بل لكل منهما حكمه ، ( ولا يضمن صاحب السفينة الواقفة ) والسائرة شيئا من السفينتين وما فيهما ( إذا وقعت عليها أخرى ) مع عدم تفريط منه بلا خلاف ولا إشكال ، للأصل وغيره ، إلا مع اختصاصه بالتفريط ، بأن اتفق هيجان البحر فلم يتمكن صاحب الواقفة ضبطها وعلم صاحب الأخرى وأمكنه دفعها والصرف عن جهتها ولم يفعل ، كما لا خلاف ( و ) لا إشكال في أنه ( يضمن صاحب الواقفة لو فرط ) وإن فرط صاحب الأخرى أيضا ، والله العالم.