تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ، وما أنا عليكم بحفيظ. إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى نبعث إليك من يتسلمه منك. ـ ثم يرفع طرفه إلى السماء فيقول ـ : اللهمّ إنك تعلم إني لم آمرهم بظلم خلقك ولا بترك حقك » (١).
وكان عليهالسلام يعتبر الولاية أمانة في عنق الوالي عليه صيانتها ، وليست أداة للاستغلال وتحقيق المآرب الشخصية ، فمن كتاب له عليهالسلام إلى الأشعث ابن قيس عامله على أذربيجان : « إنّ الملك ليس لك بطعمة ، ولكنه في عنقك أمانة... » (٢).
٣ ـ تدوين نظام اداري للدولة الإسلامية بهدف الإصلاح الشامل لكل مرافق الحياة ، يتمثل ذلك في عهد أمير المؤمنين عليهالسلام إلى مالك الأشتر ، وعهده إلى محمد بن أبي بكر ، وهما إضاءة مشرقة وصفحة فذّة من صفحات تراثنا الفكري الوضّاء ، لأنهما يشتملان على برنامج الدولة الإسلامية في نظامها الإداري والقضائي والسياسي والتكافل الاجتماعي والعمراني ، ويعكسان الفكر الاجتماعي الثوري المتقدم لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وجملة وصاياه التي ترسم العلاقة بين الجهاز الحاكم وسائر الطبقات الاجتماعية التي ذكرها فيه بالتفصيل.
ومن عهده عليهالسلام للأشتر النخعي لما ولّاه على مصر وأعمالها ، قال :
______________
(١) الاستيعاب ٣ : ٤٨.
(٢) نهج البلاغة : ٣٦٦ ـ الكتاب ٥.